کمیونزم اور انسانیت اسلامی قانون میں
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
اصناف
فيرفع خالد بصره إلى محدثه ويقول: «لست بفاهم.»
فيقال له: أنصت إلي يا سيد خالد، افترض أنك قمت برحلة مع أسرتك، وبينما أنتم في وسط المحيط إذ قامت عاصفة هوجاء أغرقت السفينة فلم ينج من ركابها سواك وأخت لك. فتعلقتما ببعض حطام الباخرة وظللتما على هذه الحال إلى أن ألقت بكما الريح إلى جزيرة صغيرة، ولما استقر بكما المقام في هذه الجزيرة رحت ترتاد مجاهلها مع أختك، فظهر لكما أن ليس من البشر سواكما، ومرت بكما الأيام والليالي دون أن تجوز بكما سفينة حتى تأكد لديكما أنكما لن تغادرا هذه الجزيرة حياتكما، والآن أخبرني يا أستاذ خالد: «أتسمح نفسك بأن تعاشر أختك معاشرة الأزواج أم تراك تمتنع من ذلك؟»»
وليس في مقدور أحد من ألد أعداء الأخلاق الشيوعية أن يفندها بكلام أبلغ في تفنيدها من كلام أتباعها هؤلاء؛ لأن أبلغ ما يقال في تفنيد مذهب أنه يجرد الإنسان من مزيته على الحيوان، ومزية الإنسان بالشرف والكرامة، وليست مزيته بحشو البطون الذي يتساوى فيه وأحقر الحيوان!
إننا نصل بعد لأي إلى المجتمع الموعود الذي حطمنا من أجله المجتمعات، ونطمع في نعيم شعري كذلك النعيم الذي ترنم به «إنجلز»، فلا نجد في المجتمع الموعود إلا مفسدة للأخلاق والعقول إذا صدقنا «كارل ماركس»؛ لأنه مجتمع رخاء وسخاء، يجد كل ذي حاجة فيه حاجته بين يديه، وذلك أضر المجتمعات بطبائع الأفراد، كما يقرر «كارل ماركس» في كتابه رأس المال، وكما يقرر هو و«إنجلز» في كتاب «العقلية الألمانية»، ولم يرد هذا المعنى عرضا في موضع واحد من كتاباته؛ بل كرره حيث يقول: «إن الوفر في خيرات الطبيعة يترك الإنسان كالطفل ولا يضطره إلى تربية ملكاته واستيفاء نموها.
ولكن الطبيعة التي تضن بخيراتها عليه تنبهه وتوقظه، وتدعوه إلى إعداد ملكاته للعمل الدائم والاجتهاد في استنهاض قواه.»
فالمجتمع المثالي الموعود شر المجتمعات على الإنسان وأسوؤها أثرا في ملكاته وأخلاقه، وهو أسوأ ما يكون إذا صدقت فيه جميع الظنون، وامتنع فيه القلق واستقرت فيه الطمأنينة، وزالت فيه جميع التكاليف التي تشغل المرء بغير الساعة الحاضرة التي بين يديه، فلا تفكير في الغد أيام الحياة ولا بعد أيام الحياة، إذ لا تبعة على الآباء نحو البنين ولا نحو الأقربين، ولا فرق بين الوليد الذي تقر به العينان والوليد الذي لا يعرفه أبواه.
وقد تخيل الشيوعيون كثيرا في شئون لا سند لها من الواقع، وخاضوا بالخيال في مجاهل التاريخ وما قبل التاريخ، فنحن لا نعتسف الخيال إذا تمثل لنا المجتمع الذي يسخو للعامل والكسلان، ويسقط عنهما معا تبعات الأسرة والأبناء، فرأيناه يعود مضطرا إلى الأسرة التي قضى عليها قبل أن يقضي عليه الخلو منها، ولا ينمو فيه الشعور بالتبعات والتكاليف - وهي أصل الأصول في الأخلاق - إلا من حيث نمت وتفرعت وأينعت في التاريخ القديم، أو التاريخ الحديث. •••
إن فضل الأسرة في تكوين الأخلاق الاجتماعية أو الفردية ليس من الأمور التي تجدي في إنكارها أو بخسها نظريات أصحاب الآراء، ولو لم تكن التي يضرب بعضها بعضا كهذه النظريات.
ولا يقول أحد: إن الأسرة أفادت النوع الإنساني بالنفع الخاص الذي لا شائبة فيه من سوء أو ضرر. فلا الأسرة ولا غير الأسرة من أطوار الإنسان تسلم من النقص الملازم لكل عمل إنساني، لا يخطر على البال أنه يأتي كاملا مبرأ من العيوب في أدوار التجربة والتطور على الخصوص، غير أن السيئات التي جاءت بها الأسرة خليقة أن تحصل بها وبغيرها؛ لأنها جاءت في غريزة الأثرة وتنازع البقاء، وهي الغريزة التي كمنت في طبيعة الحيوان الأعجم قبل أن تكمن في طبيعة الإنسان، أما حسنات الأسرة فلم تكن لتأتي بغيرها سواء منها حسنات الأخلاق وحسنات المرافق والأعمال والصناعات، وما من خلق كريم نبحث عن مصدره الأول إلا استطعنا أن نرده إلى الأسرة الصغيرة من الأب والأم والبنين والأقربين، وأن نترسم علاقته بالأسرة من اشتقاق لفظه في اللغات المتباعدة كاللغات السامية واللغات الآرية.
فالرحمة أجمل الفضائل الإنسانية مشتقة من مودة ذوي الأرحام، وتقابلها في اللغات الجرامانية كلمة «كايند»
نامعلوم صفحہ