کمیونزم اور انسانیت اسلامی قانون میں
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
اصناف
وما هي الأخلاق التي أنشأها عهد رأس المال لاستبقاء الإنتاج بابتزاز حقوق الأجراء؟ هل هي المبالغة في تعظيم الترف والغنى والأنفة من ذل الحاجة والفاقة؟
لو أن السادة في كل عهد من العهود يعملون للتعجيل بزوال عهدهم لما أنشئوا أخلاقا غير هذه الأخلاق، ونحن نفهم تحقير ذل العبودية وذل الخمول وذل الحاجة حين توضع الأخلاق للإنسان، وما يليق بالإنسان في العهود، ولكننا لا نفهم أن نستبقي وسائل الإنتاج بتحقيرها والتنفير منها.
وعقدة مثل هذه العقدة تعترض الأخلاقيين الماديين فلا يملونها ويكتفون بتسجيلها كأنما التسجيل وحده كاف للتنفيذ والتصحيح، وتلك العقدة هي وجود الأخلاق بعد زوال الداعي إليها على زعمهم في كل عهد من العهود، فإن «كارل ماركس» يقول في رسالة الثامن عشر من بروميير: «إن الناس يستمدون الدوافع أحيانا من الأسماء الغابرة والأوضاع العتيقة ولا يستمدونها من الحوادث التي أنشأتها، وإن التقاليد الموروثة في الأجيال الغابرة ترين كالجبال على أدمغة الأحياء»، و«إنجلز» يقول في الاشتراكية الطوبية والاشتراكية العلمية: «إن هذه التقاليد عقبة معطلة تصد مجرى التاريخ»، ومن البديه أن الاعتراف بهذا الأمر الواقع لا يؤيد القول بصدور الأخلاق جميعا من وسائل الإنتاج، ولا يمحو العوامل الأخرى التي ترجع إلى شيء في طبيعة الإنسان غير البيئة الاقتصادية، فما هو الحد الفاصل بين فعل الطبيعة الإنسانية وفعل الوسائل الاقتصادية؟ وما هو المحك الذي نعرف به ما كان من فعل التقاليد وما كان من فعل الحياة الحاضرة؟ ولماذا تكون التقاليد جميعا ضارة ولا يكون فيها ما يفيد وهي صالحة - كما يقول «كارل ماركس» - لاستمداد الدوافع منها حين تعجز الحوادث الحاضرة عن إمدادها؟
لم تحل الأخلاق المادية هذه العقدة، وانطوى القرن ونشأ المجتمع الشيوعي من الثورة الروسية، ولم يكن لدعاته رأي بين فيما ينبغي أن تكون عليه أخلاق «الصعاليك»، أو أخلاق المجتمع من طبقة واحدة، وكاد بيانهم لهذه الأخلاق أن يكون «سلبيا» محصورا في مخالفة كل خلق من الأخلاق التي جاء تقديسها في المجتمع البرجوازي كما يزعمون، وأوشكوا أن يتخذوا «الأسرة» محكا للأخلاق التي يحمدونها من المجتمع الجديد؛ لأنها في مذهبهم سولت للناس حب الملكية والوراثة، وهما رأس الآفات والشرور، فكل ما هدم الأسرة فهو حسن، وكل ما صانها وحافظ عليها فهو سيء ذميم. وتساوى الزواج والزنا من أجل ذلك في شريعتهم، وسمحوا بالإجهاض لأنه في صورة من صوره انتهاك لحقوق الزواج، وأباحوا كل ما حرمه الناس قديما لأنه تحريم صادر - في زعمهم - من مصالح المستغلين والمستبدين، ووجب عندهم الخروج على أدب الاحترام ولو لم يكن ذا علاقة بمسائل الاقتصاد، ووسائل الإنتاج، فكان من تشبيهاتهم للشمس المحمرة أنها تحكي «بركة من بول الخيل»، وكان من آدابهم أن يجلس القضاة للحكم، وهم يدخنون ويأكلون كأنما الشعور بالفارق بين مكان الحكم ونادي السمر رذيلة موقوفة على المجتمعات البرجوازية، وكأنما الاحترام كيفما كان أدب لا يليق بالمجتمع المنشود، أو كأنه أدب لا توجد له علامة في سلوك الإنسان، ويستوي من يحترم ومن لا يحترم في هذا السلوك؟
ودلالة الأخلاق من سلوك الأتباع الذين يقبلون على المذهب لا تقل عن دلالة هذه الآراء التي يروجها الدعاة المؤسسون لقواعده والمقررون لمبادئه من مباحثهم التي يسمونها بالمباحث العلمية، فهؤلاء الأتباع لا يفهمون من الأخلاق المطلوبة، إلا أنها الخروج على الأخلاق المحترمة في المجتمعات الإنسانية، وفي إحدى القصص الواقعية التي اشتملت على الكثير من «الشخصيات» الشيوعية حديث صريح، يحكي ما يجري على ألسنة هذه الشخصيات في المجتمعات المعدة للدعوة، لا نسمي القصة؛ لأننا لا نحب أن نلفت الأنظار إليها، ولكننا ننقل كلام المؤلف في الصفحة ال (256)، بعد عتاب سمعه المجتمعون من شاب خانه أحدهم، واحتال عليه جزاء له على وفائه ومودته.
قال المؤلف: «قد يكون الحق ما يقول، ولكن صاحبكم لم يستعمل حيلته مع أبي أو أخي ولكنه استعملها معي أنا، أنا الذي كنت نصيره الوحيد، أنا الذي تركت أبي وهجرت أسرتي من أجله، فهل أفهم من هذا أنه تجرد من كرامته بحيث ...
ولم يتم خالد حديثه إذ قاطعته ضحكة ساخرة صدرت من فم نصيف.
أسمعك تقول: الكرامة، هذا لفظ لا نعرفه هنا أيها السيد العزيز، فالفتيان الذين يحيطون بك الآن أناس اختاروا لأنفسهم لقب الرفقاء الأنذال، الكرامة! إن لنا معجما خاصا يا سيد خالد. هذا المعجم هو معجم الفقراء، وهو لذلك خلو من كثير من الكلمات التي تعرفها أمثال الكرامة والشرف والأمانة، ونحو ذلك من الحلي الغالية التي يستطيع الأغنياء ابتياعها ولكن لا يقدر عليها الفقراء!
وجاء دور خالد لكي يطلق ضحكة ساخرة فأطلقها وقال: شيء عجيب، لقد كنت أظن أن الكرامة والشرف جواهر لا يتحلى بها سوى الفقراء، ولكنك تحدثني بأن الفقراء لا يعلمون من أمر هذه الصفات شيئا، فهل لك أن تخبرني أين أجدها إذن؟
وبعد حوار على هذا المنوال يتقدم أحدهم إلى الأستاذ خالد ويسأله: هل أنت جزري يا أستاذ خالد؟
نامعلوم صفحہ