** من الأدلة على حدوث الأكوان
وأحد ما يدل على حدوث الأكوان ، هو أنها لو كانت قديمة لوجب في الصفات لصادرة عنها أن تكون واجبة فيما لم يزل ، والصفة متى وجبت استغنت بوجوبها عن العلة على ما سنبينه في باب الصفات عند الكلام عن الكلابية إن شاء الله تعالى ، وهذا يقدح في أصل إثباتها.
ومن وجه آخر ، وهو أن الطريق إلى إثبات الأكوان إنما هو تجدد هذه الصفات مع جواز أن لا تتجدد ، فلو ثبت فيما لم يزل لكانت الصفات الصادرة عنها واجبة فينسد علينا طريق العلم بها. فهذه جملة كافية في حدوث الأعراض.
** الكلام في أن الأجسام لا تخلو من الأكوان
** فصل :
الأجسام لا يجوز خلوها من الأكوان التي هي الاجتماع والاقتراف والحركة والسكون.
** الخلاف مع أصحاب الهيولى
والخلاف فيه مع أصحاب الهيولى ، وهم جماعة ذهبوا إلى أن الأعيان قديمة والتراكيب محدثة ، وعبروا عنها بعبارات هائلة نحو الاستقص والبسيط والطينة والعنصر والهيولى إلى غير ذلك.
والدليل على صحة ما نقوله في ذلك هو أن الجسم لو جاز خلوه عن هذه المعاني لجاز خلوه عنها الآن بأن يبقى على ما كان عليه من الخلو احترازا عن اللون ، فإنه وإن صح خلو الجسم منه لم يصح أن يخلو منه بعد وجوده فيه.
** الجسم لا يخلو من الأكوان
فإن قيل : وبأي علة جمعتم بين حالها الآن وبين حالها فيما مضى من الأيام؟
قلنا : لأنه لم يتغير عليه إلا أمكنة وأزمنة ، والأمكنة والأزمنة مما لا تأثير لهما فيما يصح على الجسم أو يجب أو يستحيل ، ألا ترى أن الجسم لما صح أن يكون مجتمعا أو مفترقا الآن ، صح أن يكون مجتمعا أو مفترقا في كل وقت وفي كل زمان ، ولما استحال أن يكون مجتمعا مفترقا دفعة الآن ، استحال أن يكون في كل وقت وفي
صفحہ 67