يكون ضده معدوما لذاته وذلك مستحيل ، لأن المعدوم ليس له بكونه معدوما حال ، فضلا عن أن يكون للذات أو للغير.
وأما ما يجري مجرى الضد ، فلأن ذلك يقتضي أن يحتاج القديم في وجوده إلى شيء ولذلك الشيء ضد ، فيقال : إنه جار مجرى الضد له ، والقديم ليس يجوز احتياجه في الوجود إلى شيء ، لأن ذلك يقدح في قدمه.
وقد استدل على حدوث الأعراض بأن قيل : إنها تشتمل على المختلف والمتماثل والمتضاد ، فلو كانت قديمة لما جاز ذلك لأن القدم صفة من صفات النفس ، والاشتراك في صفة من صفات النفس يوجب التماثل.
فإن قيل : لم لا يجوز أن يكون المتماثل منها قديمة والباقي محدثة؟ قلنا : لأن الطريقة في الجميع واحدة ، فلو جاز في بعضها لجاز في كلها.
فإن قيل : ولم قلتم إن الاشتراك في صفة من صفات النفس يوجب الاشتراك في سائر صفات النفس؟ قلنا : لأن ذلك لو لم يجب لكان لا يمتنع أن تشترك ذاتان في صفة ذاتية وتفترقان في صفة أخرى ذاتية فيكونان من حيث اشتركا في إحدى الصفتين مثلين ، ومن حيث افترقا في إحدى الصفتين مختلفين ، وذلك يوجب لو قدر طروء الضد عليهما لبقائهما من وجه ولانتفائهما من وجه آخر ، وذلك محال.
** استدلال من وجه آخر
وقد استدل على ذلك بوجه آخر ، فقيل : إن هذه الصفات الصادرة عن هذه المعاني متجددة فيجب في المؤثر فيها الموجب لها أن يكون متجددا فإذا ثبت تجددها ثبت حدوثها ، لأنا لا نعني بالحدوث أكثر من تجدد الوجود. إلا أن هذا لا يعم جميع الأعراض ، ولا بد على حدوث ما يوجب لمحله حالا أو حكما ، ولا يلزم على هذا القديم وتأثيره في هذه الحوادث ، لأنه إنما يؤثر على سبيل الاختيار ، وكلامنا فيما يؤثر على طريقة الإيجاب.
وأحد ما يدل على ذلك ، هو أن هذه المعاني تحتاج في وجودها إلى محال محدثة ، وما يحتاج في الوجود إلى المحدث حتى لا يوجد من دونه يجب حدوثه. وهذا ينبني على أن العلم بحدوث الأجسام غير محتاج إلى العلم بحدوث الأعراض.
صفحہ 66