بالحدوث وجوده بعد أن لم يكن فقد أفسدناه من قبل ، وإن أردتم به حالة الحدوث فالذي يفسده هو أنه لو كان كذلك لوجب أن لا يكون الجسم مجتمعا في حالة البقاء لفقد العلة فيه ، ولأنه [لو] (1) كان كذلك لوجب أن يكون كل جزء منه مجتمعا لثبوت العلة فيه وقد علمنا خلافه. وبعد فلو كان كذلك ، لوجب أن لا يحصل مفترقا في حالة الحدوث ، والمعلوم خلافه. ولأنه لو كان كذلك لكان يجب إذا افترق أن يكون مفترقا لحدوثه أيضا ، فكان يجب أن يكون الجسم مجتمعا مفترقا دفعة واحدة وهذا محال.
** لم لا يكون الجسم مجتمعا على وجه؟
فإن قيل : لم لا يجوز أن يكون الجسم مجتمعا لحدوثه على وجه؟ قلنا : لأنه لا وجه هاهنا معقول ، فيقال إن الجسم اجتمع لحدوثه على ذلك الوجه ، بخلاف ما نقوله في الحسن والقبح فإن لذلك وجوها معقولة ، نحو كونه ظلما وكذبا وغيرهما. ولأنه لو كان كذلك لوجب أن يكون الجسم مجتمعا في حالة البقاء ، والمعلوم خلافه.
** لم لا يكون الجسم مجتمعا لعدمه؟
فإن قيل : لم لا يجوز أن يكون الجسم مجتمعا لعدمه؟ قلنا : لأن العدم يميل كونه مجتمعا ، وما أحال الحكم لا يجوز أن يؤثر فيه. ولأنه لا يحصل مجتمعا إلا بعد الوجود ، فكيف يكون عدمه مؤثرا فيه؟.
** لم لا يكون مجتمعا بالفاعل؟
فإن قيل : لم لا يجوز أن يكون الجسم مجتمعا بالفاعل؟ قلنا : لأنه لو كان كذلك لوجب في الواحد منا وهو قادر على أن يجعل الجسم مجتمعا من دون معنى أن يكون قادرا على إيجاد الجسم ، لأن من قدر على أن يجعل ذاتا من الذوات على صفة من الصفات من دون معنى ، قدر على إيجاد نفس تلك الذات.
دليله ، الكلام ، فإن أحدنا لما قدر أن يجعله أمرا ونهيا وخبرا ، قدر على إيجاد نفس الكلام. وعكسه كلام الغير ، فلما لم يقدر على جعله أمرا ونهيا وخبرا ، لم يقدر على إيجاد نفس الكلام. والمعلوم أن أحدنا لا يقدر على إيجاد الجسم فيجب أن لا يتعلق به كونه مجتمعا.
صفحہ 59