شرح نهج البلاغة
شرح نهج البلاغة
تحقیق کنندہ
محمد عبد الكريم النمري
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
1418 ہجری
پبلشر کا مقام
بيروت
ولقائل أن يقول : إنه لم يكرر لفظة الخنوع ، وإنما ذكر أولا الإذعان ، وهو الإنقياد والطاعة ، ومعناه أنهم سجدوا ، ثم ذكر الخنوع الذي معناه الخضوع ، وهو يعطي معنى غير المعنى الأول ، لأنه ليس كل ساجد خاضعا بقلبه ، فقد يكون ساجدا بظاهره دون باطنه . وقول الراوندي : أفاد بالثاني ثباتهم على الخضوع له لتكرمته أبدا تفسير لا يدل عليه اللفظ ، ولا معنى الكلام .
ثم قال : قبيل إبليس نسله ، قال تعالى : ' إنه يراكم هو وقبيله ' ، وكل جيل من الإنس والجن قبيل . و الصحيح أن قبيله نوعه ، كما أن البشر قبيل كل بشري ، سواء كانوا من ولده أو لم يكونوا . وقد قيل أيضا : كل جماعة قبيل وإن اختلفوا ، نحو أن يكون بعضهم روما وبعضهم زنجا ، وبعضهم عربا ، وقوله تعالى : ' إنه يراكم هو وقبيله ' لا يدل على أنهم نسله .
وقوله بعد : وكل جيل من الإنس والجن قبيل ، ينقض دعواه أن قبيله لا يكون إلا نسله .
ثم تكلم في المعاني فقال : إن القياس الذي قاسه إبليس كان باطلا ، لأنه ادعى أن النارأشرف من الأرض ، والأمر بالعكس ؛ لأن كل ما يدخل إلى النار ينقص ، وكل ما يدخل التراب يزيد . وهذا عجيب ! فإنا نرى الحيوانات الميتة إذا دفنت في الأرض تنقص أجسامها ، وكذلك الأشجار المدفونة في الأرض ؛ على أن التحقيق أن المحترق بالنار وبالتالي لم تعدم أجزاؤه ولا بعضها ، وإنما استحالت إلى صور أخرى .
ثم قال : ولما علمنا أن تقديم المفضول على الفاضل قبيح ، علمنا أن آدم أفضل من الملائكة في ذلك الوقت وفيما بعده .
ولقائل أن يقول : أليس قد سجد يعقوب ليوسف عليه السلام ! أفيدل ذلك على أن يوسف أفضل من يعقوب ! ولا يقال : إن قوله تعالى : ' ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا ' ؛ لا يدل على سجود الوالدين ؛ فلعل الضمير يرجع إلى الإخوة خاصة لأنا نقول : هذا الاحتمال مدفوع بقوله : ' والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ' ، وهو كناية عن الوالدين .
وأيضا قد بينا أن السجود إنما كان لله سبحانه ، وأن آدم كان قبلة ، والقبلة لا تكون أفضل من الساجد إليها ، ألا ترى أن الكعبة ليست أفضل من النبي عليه السلام ! الأصل : واصطفى سبحانه من ولده أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم ، وعلى تبيلغ الرسالة أمانتهم ، لما بدل أكثر خلقه عهد الله إليهم ، فجهلوا حقه ، واتخذوا الأنداد معه ، واجتالتهم الشياطين عن معرفته ، واقتطعتهم عن عبادته ، فبعث فيهم رسله ، وواتر إليهم أنبياءه ، ليستأدوهم ميثاق فطرته ، ويذكروهم منسي نعمته ، ويحتجوا عليهم بالتبليغ ، ويثيروا لهم دفائن العقول ، ويروهم آيات المقدرة ؛ من سقف فوقهم مرفوع ، ومهاد تحتهم موضوع ، ومعايش تحييهم ، وآجال تفنيهم ، وأوصاب تهرمهم ، وأحداث تتابع عليهم .
صفحہ 74