الجزء الأول
مقدمة المحقق
مقدمة الطبعة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
1-نهج البلاغة
اجتمع للإمام علي بن أبي طالب من صفات الكمال، ومحمود الشمائل والخلال، وسناء الحسب وباذخ الشرف؛ مع الفطرة النقية، والنفس المرضية، ما لم يتهيأ لغيره من أفذاذ الرجال.
1-البداية والنهاية، لابن كثير-13: 198-199، (مطبعة السعادة) .
2-تلخيص مجمع الآداب لابن الفوطى-الجزء الرابع الورقة 9، (مصورة معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية) .
3-الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة السابعة، لابن الفوطى ص 336، (طبعة المكتبة العربية ببغداد)
4-درة الأسلاك في دولة الأتراك؛ لابن حبيب الحلبي-وفيات سنة 655، (مصورة دار الكتب المصرية رقم 6170 ح) .
5-روضات الجنات لمحمد باقر الخوانسارى 406-409، (طبع العجم 1304 ه) .
6-عقد الجمان للعينى-وفيات سنة 655، (مخطوطة دار الكتب المصرية 1584 تاريخ) .
7-عيون التواريخ لابن شاكر-وفيات سنة 655، (مخطوطة دار الكتب المصرية رقم 1497 تاريخ) .
8-فوات الوفيات 1: 519-522 (مطبعة السعادة) .
9-كشف الظنون 1273، 1291، 1576، 1615، 1991، (طبع إستانبول 1943) .
10-ما هو نهج البلاغة، للسيد هبة الله الشهرستانى، (مطبعة العرفان بصيدا) .
11-مجمع الآداب لابن الفوطى، (فى ذيل الجزء الرابع من شرح نهج البلاغة- طبعة الحلبي) ..
12-نسمة السحر في ذكر من تشيع وشعر، ليوسف بن يحيى الصنعانى، الورقة 260-262 (مصورة دار الكتب المصرية 13849 ح) .
صفحہ 3
تحدر من أكرم المناسب، وانتمى إلى أطيب الأعراق؛ فأبوه أبو طالب عظيم المشيخة من قريش. وجده عبد المطلب أمير مكة وسيد البطحاء؛ ثم هو قبل ذلك من هامات بنى هاشم وأعيانهم؛ وبنو هاشم كانوا كما وصفهم الجاحظ: «ملح الأرض، وزينة الدنيا، وحلى العالم، والسنام الأضخم، والكاهل الأعظم؛ ولباب كل جوهر كريم، وسر كل عنصر شريف، والطينة البيضاء، والمغرس المبارك، والنصاب الوثيق، ومعدن الفهم، وينبوع العلم... » (1) .
واختص بقرابته القريبة من الرسول عليه السلام؛ فكان ابن عمه، وزوج ابنته، وأحب عترته إليه، كما كان كاتب وحيه، وأقرب الناس إلى فصاحته وبلاغته، وأحفظهم لقوله وجوامع كلمه؛ أسلم على يديه صبيا قبل أن يمس قلبه عقيدة سابقة، أو يخالط عقله شوب من شرك موروث؛ ولازمه فتيا يافعا؛ فى غدوه ورواحه، وسلمه وحربه؛ حتى تخلق بأخلاقه، واتسم بصفاته، وفقه عنه الدين، وثقف ما نزل به الروح الأمين؛ فكان من أفقه أصحابه وأقضاهم، وأحفظهم وأوعاهم؛ وأدقهم في الفتيا؛ وأقربهم إلى الصواب؛ وحتى قال فيه عمر: لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن. وكانت حياته كلها مفعمة بالأحداث، مليئة بجلائل الأمور؛ فعلى عهد الرسول عليه السلام ناضل المشركين واليهود؛ فكان فارس الحلبة ومسعر الميدان، صليب النبع جميع الفؤاد؛ وفي أيام خلافته كانت له أحداث أخرى؛ لقى فيها ما لقى من تفرق الكلمة واختلاف الجماعة، وانفصام العروة؛ ما طوى أضالعه على الهم والأسى، ولاع قلبه بالحزن والشجن؛ وفي كل ما لقى من أحداث وأمور، وما صادف من محن وخطوب، بلا الناس وخبرهم، وتفطن لمطاوى نفوسهم، واستشف ما وراء مظاهرهم؛ فكان العالم المجرب الحكيم، والناقد الصيرفى الخبير.
وكان لطيف الحس، نقى الجوهر، وضاء النفس؛ سليم الذوق، مستقيم الرأى،
صفحہ 4
حسن الطريقة، سريع البديهة، حاضر الخاطر؛ حولا قلبا؛ عارفا بمهمات الأمور إصدارا وإيرادا؛ بل كان كما وصفه الحسن البصرى: سهما صائبا من مرامى الله على عدوه، وربانى هذه الأمة وذا فضلها وسابقتها، وذا قرابتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لم يكن بالنئومة عن أمر الله، ولا بالملومة في دين الله، ولا بالسروقة لمال لله؛ أعطى القرآن عزائمه، ففاز منه برياض مونقة، وأعلام مشرقة، ذاك علي بن أبي طالب.
*** كل هذه المزايا مجتمعة، وتلك الصفات متآزرة متناصرة؛ وما صاحبها من نفح إلهى، وإلهام قدسى، مكنت للإمام علي من وجوه البيان، وملكته أعنة الكلام، وألهمته أسمى المعاني وأكرمها، وهيأت له أشرف المواقف وأعزها، فجرت على لسانه الخطب الرائعة، والرسائل الجامعة، والوصايا النافعة، والكلمة يرسلها عفو الخاطر فتغدو حكمة، والحديث يلقيه بلا تعمل ولا إعنات فيصبح مثلا؛ فى أداء محكم، ومعنى واضح، ولفظ عذب سائغ؛ وإذا هذا الكلام يملأ السهل والجبل، ويتنقل في البدو والحضر؛ يرويه على كثرته الرواة، ويحفظه العلماء والدارسون؛ قال المسعودي: والذي حفظ الناس عنه من خطبه في سائر مقاماته أربعمائة خطبة ونيف وثمانون خطبة؛ يوردها على البديهة؛ تداول عنه الناس ذلك قولا وعملا (1) .
ثم ظل هكذا محفوظا في الصدور مرويا على الألسنة، حتى كان عصر التدوين والتأليف؛ فانتثرت خطبه ورسائله في كتب التاريخ والسير والمغازى والمحاضرات والأدب
صفحہ 5
على الخصوص، كما انتخبت كلماته ومأثور حكمه فيما وضعوه من أبواب المواعظ والدعاء؛ وفي كتابى الغريب لأبى عبيد القاسم بن سلام وابن قتيبة منه الشيء الكثير
وإذ كان لكلام الإمام علي طابع خاص يميزه عن غيره من الخطباء، ونهج واضح يخالف غيره من البلغاء والمترسلين؛ فقد حاول كثير من العلماء والأدباء على مر العصور أن يفردوا لكلامه كتبا خاصة ودواوين مستقلة؛ بقى بعضها وذهب الكثير منها على الأيام؛ منهم نصر بن مزاحم صاحب صفين، وأبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبى، وأبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي، ومحمد بن عمر الواقدى، وأبو الحسن علي بن محمد، المدائنى، وأبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، وأبو الحسن علي بن الحسين المسعودي، وأبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعى، وعبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد التميمى، ورشيد الدين محمد بن محمد المعروف بالوطواط، وعز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد؛ وغيرهم كثيرون.
إلا أن أعظم هذه المحاولات خطرا، وأعلاها شأنا، وأحسنها أبوابا؛ وأبعدها صيتا وشأوا؛ هو مجموع ما اختاره الشريف الرضى أبو الحسن محمد بن الحسين الموسوى؛ في كتابه «نهج البلاغة» .
بناه على ما أفرده في كتاب «خصائص الأئمة» من «فصل يتضمن محاسن ما نقل عنه عليه السلام من الكلام القصير في الحكم والأمثال والآداب، دون الخطب الطويلة والكتب المبسوطة (1) » ؛ ثم جعله كتابا «يحتوي على مختار كلام مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في جميع فنونه ومتشعبات غصونه، من خطب وكتب ومواعظ وآداب؛ علما أن ذلك يتضمن من عجائب البلاغة وغرائب الفصاحة وجواهر العربية وثواقب الكلم الدينية والدنيوية ما لا يوجد مجتمعا في كلام، ولا مجموع الأطراف في كتاب» (1) .
صفحہ 6
وأدار اختياره على ثلاثة أقطاب: أولها الخطب والأوامر، وثانيها الكتب والرسائل، وثالثها الحكم والمواعظ؛ وأسماه كتاب «نهج البلاغة» «إذ كان يفتح للناظر فيه أبوابها، ويقرب عليه طلابها، وفيه حاجة العالم والمتعلم، وبغية البليغ والزاهد» (1) .
ومنذ أن صدر هذا الكتاب عن جامعه سار في الناس ذكره، وتألق نجمه؛ أشأم وأعرق، وأنجد وأتهم، وأعجب به الناس حيث كان، وتدارسوه في كل مكان.
لما اشتمل عليه من اللفظ المنتقى، والمعنى المشرق؛ وما احتواه من جوامع الكلم، ونوابغ الحكم في أسلوب متساوق الأغراض، محكم السبك، يعد في الذروة العليا من النثر العربى الرائع.
*** ولم يذكر الشريف الرضى في صدر كتابه المصادر التي رجع إليها؛ أو الشيوخ الذين نقل عنهم؛ إلا أنه-كما يبدو من تضاعيف الكتاب-نقل في بعض ما نقل عن كتاب البيان والتبيين للجاحظ، والمقتضب للمبرد، وكتاب المغازى لسعيد بن يحيى الأموى، وكتاب الجمل للواقدى، والمقامات في مناقب أمير المؤمنين لأبى جعفر الإسكافى، وتاريخ ابن جرير الطبري، وحكاية أبى جعفر محمد بن علي الباقر، ورواية اليماني عن أحمد ابن قتيبة؛ وما وجد بخط هشام بن الكلبى وخبر ضرار بن حمزة الصدائى، ورواية أبى جحيفة، وحكاية ثعلب عن أبي الأعرابى (2) ؛ ولعله في غير ما نقل عن هؤلاء، نقل من مصادر أخرى لم يصرح بها.
*** وعلى مر العصور والأزمان كانت نسبة ما في كتاب نهج البلاغة إلى الإمام علي مثارا للشك عند العلماء والباحثين؛ المتقدمين والمتأخرين.
صفحہ 7
وقد تناول ابن أبي الحديد هذه القضية بالبحث، فقال:
كثير من أرباب الهوى يقولون: إن كثيرا من نهج البلاغة كلام محدث صنعه قوم من فصحاء الشيعة، وربما عزوا بعضه إلى الرضى أبى الحسن أو غيره؛ وهؤلاء أعمت العصبية أعينهم فضلوا عن النهج الواضح، وركبوا بنيات (1) الطريق، ضلالا وقلة معرفة بأساليب الكلام.
وأنا أوضح لك بكلام مختصر ما في هذا الخاطر من الغلط فأقول: لا يخلو إما أن يكون كل نهج البلاغة مصنوعا منحولا، أو بعضه.
والأول باطل بالضرورة؛ لأنا نعلم بالتواتر صحة إسناد بعضه إلى أمير المؤمنين عليه السلام، وقد نقل المحدثون-كلهم أو جلهم-والمؤرخون كثيرا منه، وليسوا من الشيعة لينسبوا إلى غرض في ذلك.
والثاني: يدل على ما قلناه؛ لأن من قد أنس بالكلام والخطابة، وشدا طرفا من علم البيان، وصار له ذوق في هذا الباب؛ لا بد أن يفرق بين الكلام الركيك والفصيح، وبين الفصيح والأفصح، وبين الأصيل والمولد. وإذا وقف على كراس واحد يتضمن كلاما لجماعة من الخطباء أو لاثنين منهم فقط، فلا بد أن يفرق بين الكلامين، ويميز بين الطريقتين؛ ألا ترى أنا مع معرفتنا بالشعر ونقده؛ لو تصفحنا ديوان أبى تمام فوجدناه قد كتب في أثنائه قصائد أو قصيدة واحدة لغيره لعرفنا بالذوق مباينتها لشعر أبى تمام نفسه وطريقته ومذهبه في القريض؛ ألا ترى أن العلماء بهذا الشأن حذفوا من شعره قصائد كثيرة منحولة إليه، لمباينتها لمذهبه في الشعر!وكذلك حذفوا من شعر أبى نواس كثيرا
صفحہ 8
لما ظهر لهم أنه ليس من ألفاظه ولا من شعره، وكذلك غيرهما من الشعراء؛ ولم يعتمدوا في ذلك إلا على الذوق خاصة.
وأنت إذا تأملت نهج البلاغة وجدته كله ماء واحدا، ونفسا واحدا، وأسلوبا واحدا؛ كالجسم البسيط الذي ليس بعض من أبعاضه مخالفا لباقى الأبعاض في الماهية؛ وكالقرآن العزيز، أوله كوسطه، وأوسطه كآخره؛ وكل سورة منه، وكل آية مماثلة في المأخذ والمذهب والفن والطريق والنظم لباقى الآيات والسور.
ولو كان بعض نهج البلاغة منحولا، وبعضه صحيحا، لم يكن ذلك كذلك؛ فقد ظهر لك بالبرهان الواضح ضلال من زعم أن هذا الكتاب أو بعضه منحول إلى أمير المؤمنين عليه السلام.
واعلم أن قائل هذا القول يطرق على نفسه ما لا قبل له به؛ لأنا متى فتحنا هذا الباب، وسلطنا الشكوك على أنفسنا في هذا النحو، لم نثق بصحة كلام منقول عن رسول الله صلى الله عليه وآله أبدا، وساغ لطاعن أن يطعن ويقول: هذا الخبر منحول؛ وهذا الكلام مصنوع؛ وكذا ما نقل عن أبي بكر وعمر من الكلام والخطب والمواعظ والآداب وغير ذلك، وكل أمر جعله هذا الطاعن مستندا له فيما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم وآله والأئمة الراشدين والصحابة والتابعين والشعراء والمترسلين والخطباء؛ فلناصرى أمير المؤمنين عليه السلام أن يستندوا إلى مثله فيما يروونه عنه من نهج البلاغة وغيره؛ وهذا واضح» (1) .
***
صفحہ 9
2-شرح نهج البلاغة
وقد تصدر لشرح كتاب «نهج البلاغة» كثيرون من العلماء والفضلاء؛ ذكر السيد هبة الله الشهرستانى (1) أنها تنوف على الخمسين شرحا؛ ما بين مبسوط ومختصر؛ منهم أبو الحسين البيهقي، والإمام فخر الدين الرازي، والقطب الراوندي، وكمال الدين محمد ميثم البحراني؛ من المتقدمين، وحبيب بن محمد بن هاشم الهاشمى والشيخ محمد عبده ومحمد نائل المرصفى من المتأخرين.
ولكن أعظم هذه الشروح وأطولها، وأشملها بالعلوم والآداب والمعارف وأملؤها؛ هو شرح عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد المدائنى؛ صنفه برسم خزانة مؤيد الدين أبى طالب محمد بن أحمد العلقمى، وزير المستعصم بالله، آخر ملوك العباسيين. «كان من فضلاء الشيعة وأعيانهم ببغداد، مائلا للآداب مقربا للأدباء، وكانت له خزانة كتب فيها عشرة آلاف مجلد من نفائس الكتب» (2) .
شرع في تأليفه في غرة شهر رجب من سنة أربع وأربعين وستمائة، وأتمه في سلخ صفر من سنة تسع وأربعين وستمائة؛ فقضى أربع سنين وثمانية أشهر، وكانت كما يقول:
«مقدار مدة خلافة أمير المؤمنين عليه السلام» ؛ وكسره على عشرين جزءا.
ولما فرغ من تصنيفه أنفذه على يد أخيه موفق الدين أبى المعالى إلى ابن العلقمى، فبعث إليه بمائة دينار وخلعة سنية وفرس؛ فكتب إلى الوزير:
أيا رب العباد رفعت ضبعى # وطلت بمنكبى وبللت ربقى
وزيغ الأشعري كشفت عنى # فلم أسلك بنيات الطريق
صفحہ 10
أحب الاعتزال وناصريه # ذوى الألباب والنظر الدقيق
فأهل العدل والتوحيد أهلى # ونعم فريقهم أبدا فريقى
وشرح النهج لم أدركه إلا # بعونك بعد مجهدة وضيق
تمثل إذ بدأت به لعينى # هناك كذروة الطود السحيق
فتم بحسن عونك وهو أنأى # من العيوق أو بيض الأنوق
بآل العلقمى ورت زنادى # وقامت بين أهل الفضل سوقى
فكم ثوب أنيق نلت منهم # ونلت بهم وكم طرف عتيق
أدام الله دولتهم وأنحى # على أعدائهم بالخنفقيق (1)
*** وقد ذكر في صدر كتابه أنه لم يسبقه أحد بشرح النهج سوى سعيد بن هبة الله بن الحسن الفقيه، المعروف بالراوندي؛ وأنه قد تعرض لهذا الشرح فيما ناقضه فيه ، في مواضع يسيرة، وأعرض عن كثير مما قاله. وقد التزم في شرحه أن يقسم الكلام فصولا، فيشرح كلمات كل فصل شرحا دقيقا مشتملا على «الغريب والمعاني وعلم البيان، وما عساه يشتبه ويشكل من الإعراب والتصريف» (2) ، ثم يورد «ما يطابقه من النظائر والأشباه نثرا ونظما (2) » ، ثم يستطرد إلى ذكر «ما يتضمنه من السير والوقائع والأحداث.. » (2) ، ويشير إلى ما ينطوى عليه هذا الفصل «من دقائق علم التوحيد والعدل إشارة خفية (2) » ، ويلوح «إلى ما يستدعى الشرح ذكره من الأنساب والأمثال والنكت تلويحات لطيفة» (2) ، ويرصعه بما يشاء «من المواعظ الزهدية، والزواجر الدينية والحكم النفيسة، والآداب الخلقية، المناسبة للفقرة، والمشاكلة لدرره (2) » .
ثم ينتقل إلى الفصل الذي يليه؛ وهكذا.
صفحہ 11
وهو بهذا المنهج الذي التزمه؛ والطريق الذي سلكه، قد نقل إلى هذا الكتاب عصارة ما في كتب الأدب والنقد والتاريخ والنسب والمغازى والسير والفقه والجدل والمناظرة وعلوم الكلام، وخلاصة ما اشتملت عليه الرسائل والمتون والشروح والحواشى والتعاليق؛ وطرزه بما اختاره من روائع الخطب ونوابغ الحكم ومصطفى الرسائل؛ مما نطق به مصاقع الخطباء وبلغاء الكتاب وزعماء القول في الجاهلية والإسلام؛ ثم وشاه بما انتخله من دواوين الشعراء الجاهليين والمخضرمين والإسلاميين والمولدين؛ من فاخر القول وحر الكلام؛ فى متنوع فنون الشعر ومذاهبه، ومختلف أغراضه ومراميه.
وقد ارتفع أسلوبه في جميع مراحل الكتاب عن الخلل والتعقيد، وتجافى عن الركاكة والتعسف والإبهام، والتزم الأسلوب الرصين، والتعبير الفصيح، واللفظ العربى الأصيل؛ سوى بعض الألفاظ التي تدست فيما نقله عن المتكلمين وأصحاب المقولات؛ من نحو قولهم:
«المحسوسات» ، و«الكل والبعض» ، وقولهم: «الصفات الذاتية والجسمانيات» ، وقولهم: «أما أولا فالحال كذا» ؛ ونحو ذلك مما يأباه الفصيح من الألفاظ والسليم من الأساليب؛ وقد اعتذر عن ذلك المؤلف بقوله: «استهجنا تبديل ألفاظهم وتغيير عباراتهم؛ فمن كلم قوما كلمهم باصطلاحهم، ومن دخل ظفار حمر» (1) .
وما أحسن ما اعتذر به!
وبتلك المزايا المتنوعة للكتاب، خرج «كتابا كاملا في فنه، واحدا بين أبناء جنسه، ممتعا بمحاسنه، جليلة فوائده، شريفة مقاصده، عظيما شأنه، عالية منزلته ومكانه» (2) ؛ يرد شرعته العلماء، وينهل من مورده الباحثون والأدباء.
غ
صفحہ 12
3-ابن أبي الحديد
ومؤلف هذا الشرح هو عز الدين أبو حامد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن الحسين ابن أبي الحديد المدائنى؛ أحد جهابذة العلماء، وأثبات المؤرخين؛ ممن نجم في العصر العباسي الثاني؛ أزهى العصور الإسلامية إنتاجا وتأليفا؛ وأحفلها بالشعراء والكتاب والأدباء والمؤرخين واللغويين وأصحاب المعاجم والموسوعات.
كان فقيها أصوليا؛ وله في ذلك مصنفات معروفة مشهورة؛ وكان متكلما جدليا نظارا؛ اصطنع مذهب الاعتزال؛ وعلى أساسه جادل وناظر، وحاج وناقش؛ وفي شرح النهج وكثير من كتبه آراء منثورة مما ذهب إليه، وله مع الأشعري والغزالى والرازي كتب ومواقف.
وكان أديبا ناقدا، ثاقب النظر، خبيرا بمحاسن الكلام ومساوئه، وكتابه «الفلك الدائر على المثل السائر» ؛ دليل على بعد غوره، ورسوخ قدمه في نقد الشعر وفنون البيان.
ثم كان أديبا متضلعا في فنون الأدب، متقنا لعلوم اللسان، عارفا بأخبار العرب، مطلعا على لغاتها، جامعا لخطبها ومنافراتها، راويا لأشعارها وأمثالها، حافظا لملحها وطرفها، قارئا مستوعبا لكل ما حوته الكتب والأسفار في زمانه.
وكان وراء هذا شاعرا عذب المورد، مشرق المعنى، متصرفا مجيدا؛ كما كان كاتبا بديع الإنشاء، حسن الترسل، ناصع البيان.
*** ولد بالمدائن في غرة ذى الحجة سنة ست وثمانين وخمسمائة؛ ونشأ بها، وتلقى عن
صفحہ 13
شيوخها، ودرس المذاهب الكلامية فيها، ثم مال إلى مذهب الاعتزال منها؛ وكان الغالب على أهل المدائن التشيع والتطرف والمغالاة؛ فسار في دربهم، وتقيل مذهبهم، ونظم القصائد المعروفة بالعلويات السبع على طريقتهم، وفيها غالى وتشيع؛ وذهب به الإسراف في كثير من أبياتها كل مذهب؛ يقول في إحداها (1) :
علم الغيوب إليه غير مدافع # والصبح أبيض مسفر لا يدفع
وإليه في يوم المعاد حسابنا # وهو الملاذ لنا غدا والمفزع
هذا اعتقادى قد كشفت غطاءه # سيضر معتقدا له أو ينفع
يا من له في أرض قلبى منزل # نعم المراد الرحب والمستربع
وتكاد نفسى أن تذوب صبابة # خلقا وطبعا لا كمن يتطبع
ورأيت دين الاعتزال وإننى # أهوى لأجلك كل من يتشيع
ولقد علمت بأنه لا بد من # مهديكم وليومه أتوقع
تحميه من جند الإله كتائب # كاليم أقبل زاخرا يتدفع
فيها لآل أبى الحديد صوارم # مشهورة ورماح خط شرع
ورجال موت مقدمون كأنهم # أسد العرين الربد لا تتكعكع
تلك المنى إما أغب عنها فلى # نفس تنازعنى وشوق ينزع
تالله لا أنسى الحسين وشلوه # تحت السنابك بالعراء موزع
متلفعا حمر الثياب وفي غد # بالخضر من فردوسه يتلفع
نطأ السنابك صدره وجبينه # والأرض ترجف خيفة وتضعضع
والشمس ناشرة الذوائب ثاكل # والدهر مشقوق الرداء مقنع
صفحہ 14
لهفى على تلك الدماء تراق في # أيدى أمية عنوة وتضيع
يأبى أبو العباس أحمد إنه # خير الورى من أن يطل ويمنع (1)
فهو الولى لثأرها وهو الحمو # ل لعبئها إذ كل عود يضلع (2)
والدهر. طوع والشبيبة غضة # والسيف عضب والفؤاد مشيع (3)
وحينما انقضت أيام صباه، وطوى رداء شبابه، خف إلى بغداد؛ حاضرة الخلافة، وكعبة القصاد، وعش العلماء، وكانت خزائنها بالكتب معمورة، ومجالسها بالعلم والأدب مأهولة، فقرأ الكتب واستزاد من العلم، وأوغل في البحث، ووعى المسائل، ومحص الحقائق، واختلط بالعلماء من أصحاب المذاهب، ثم جنح إلى الاعتزال؛ وأصبح كما يقول صاحب «نسمة السحر» : معتزليا جاحظيا، في أكثر شرحه للنهج؛ بعد أن كان شيعيا غاليا.
وفي بغداد أيضا نال الحظوة عند الخلفاء من العباسيين ومدحهم، وأخذ جوائزهم، ونال عندهم سنى المراتب ورفيع المناصب، فكان كاتبا في دار التشريفات؛ ثم في الديوان، ثم ناظرا للبيمارستان؛ وأخيرا فوض إليه أمر خزائن الكتب في بغداد؛ وفي كل هذا كان مرموق الجانب، عزيز المحل؛ كريم المنزلة، إلى أن مات.
*** وكان مع اشتغاله بالمناصب، ومعاناته للتأليف شاعرا مجيدا؛ ذكره صاحب «نسمة السحر في ذكر من تشيع وشعر» ؛ وله ديوان، ذكر ابن شاكر أنه كان معروفا مشهورا.
وقد جال بشعره في شتى المعاني ومختلف الأغراض، فقال في المدح والرثاء؛ والحكم والوصف
صفحہ 15
والغزل، إلا أن الغرض الذي غلب عليه واشتهر به هو المناجاة والمخاطبة على مسلك أرباب الطريقة، أورد في النهج كثيرا منه، فمن ذلك قوله:
فلا والله ما وصل ابن سينا # ولا أغنى ذكاء أبى الحسين (1)
ولا رجعا بشيء بعد بحث # وتدقيق سوى خفى حنين
لقد طوفت أطلبكم ولكن # يحول الوقت بينكم وبينى
فهل بعد انقضاء الوقت أحظى # بوصلكم غدا وتقر عينى!
منى عشنا بها زمنا وكانت # تسوفنا بصدق أو بمين
فإن أكذب فذاك ضياع دينى # وإن أجذب فذاك حلول دينى
وقوله:
وحقك إن أدخلتنى النار قلت # للذين بها قد كنت ممن يحبه
وأفنيت عمرى في علوم دقيقة # وما بغيتى إلا رضاه وقربه
هبونى مسيئا أوتغ الجهل قلبه # وأوبقه بين البرية ذنبه (2)
أما يقتضى شرع التكرم عتقه # أيحسن أن ينسى هواه وحبه!
أما كان ينوى الحق فيما يقوله # ألم تنصر التوحيد والعدل كتبه!
أما رد زيغ ابن الخطيب وشكه # وإلحاده إذ حل في الدين خطبه
أما قلتم: من كان فينا مجاهدا # سيكرم مثواه ويعذب شربه
فأى اجتهاد فوق ما كان صانعا # وقد أحرقت زرق الشياطين شهبه
فإن تصفحوا نغنم وإن تتجرموا # فتعذيبكم حلو المذاقة عذبه
وآية صدق الصب أن يعذب الأذى # إذا كان من يهوى عليه يصبه
صفحہ 16
ونحو هذا من الشعر في شرح النهج كثير.
ومن طريف ما أورد له صاحب نسمة السحر قوله:
لو لا ثلاث ا أخف صرعتى # ليست كما قال فتى العبد (1)
أن أنصر التوحيد والعدل في # كل مكان باذلا جهدى
وأن أناجى الله مستمتعا # بخلوة أحلى من الشهد
وأن أتيه الدهر كبرا على # كل لئيم أصعر الخد
كذاك لا أهوى فتاة ولا # خمرا ولا ذا ميعة نهد
*** وقد اضطرب المؤرخون في تاريخ وفاته؛ فذكر بعضهم أنه توفى في سنة 655؛ ذهب إلى ذلك ابن شاكر في كتابيه: فوات الوفيات وعيون التواريخ؛ وكذلك ابن كثير في التاريخ، والعينى في عقد الجمان، وابن حبيب الحلبي في كتابه درة الأسلاك.
ونقل صاحب كتاب «نسمة السحر» عن الديار بكرى أنه توفى قبل دخول التتار بغداد بنحو سبعة عشر يوما. وكان دخولهم إليها في العشرين من المحرم سنة 656؛ على ما ذكره المؤرخون. وقال الذهبي في سير النبلاء (2) : «إنه توفى في الخامس من جمادى الآخرة سنة ست وخمسين وستمائة» .
ولو لا ثلاث هن من عيشة الفتى # وحقك لم أحفل متى قام عودى
فمنهن سبق العاذلات بشربة # كميت متى ما تعل بالماء تزبد
وكرى إذ ناد المضاف محنبا # كسيد الغضا نبهته المتورد
وتقصير يوم الدجن والدجن معجب # ببهكنة تحت الخباء المعمد.
صفحہ 17
وذكر ابن الفوطى في كتاب مجمع الألقاب أنه أدرك سقوط بغداد، وأنه كان ممن خلص من القتل في دار الوزير مؤيد الدين العلقمى مع أخيه موفق الدين؛ كما ذكر أيضا في كتابه الحوادث الجامعة؛ فى وفيات سنة 656:
«توفى فيها الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمى في جمادى الآخرة ببغداد...
والقاضي موفق الدين أبو المعالى القاسم بن أبي الحديد المدائنى في جمادى الآخرة، فرثاه أخوه عز الدين عبد الحميد بقوله:
أأبا المعالى هل سمعت تأوهى # فلقد عهدتك في الحياة سميعا
عينى بكتك ولو تطيق جوانحى # وجوارحى أجرت عليك نجيعا
أنفا غضبت على الزمان فلم تطع # حبلا لأسباب الوفاء قطوعا
ووفيت للمولى الوزير فلم تعش # من بعده شهرا ولا أسبوعا
وبقيت بعد كما فلو كان الردى # بيدى لفارقنا الحياة جميعا
فعاش عز الدين بعد أخيه أربعة عشر يوما» .
*** وله من المصنفات:
1-الاعتبار؛ على كتاب الذريعة في أصول الشريعة، ذكره ابن الفوطى وصاحب روضات الجنات.
2-انتقاد المستصفى للغزالى، ذكره ابن الفوطى.
3-الحواشى على كتاب المفصل في النحو، ذكره ابن الفوطى.
4-شرح المحصل للإمام فخر الدين الرازي، وهو يجرى مجرى النقض له؛ ذكره ابن الفوطى.
صفحہ 18
5-شرح مشكلات الغرر لأبى الحسين البصرى في أصول الكلام؛ ذكره ابن الفوطى وصاحب روضات الجنات.
6-ديوان شعره، ذكره ابن شاكر الكتبى.
7-زيادات النقضين، ذكر المؤلف في الجزء الأول ص 61.
8-شرح نهج البلاغة، وهو هذا الكتاب.
9-شرح الياقوت لابن نوبخت في الكلام، ذكره ابن الفوطى وصاحب روضات الجنات.
10-العبقرى الحسان، ذكره صاحب روضات الجنات، وقال: وهو كتاب غريب الوضع قد اختار فيه قطعة وافرة من الكلام والتواريخ والأشعار، وأودعه شيئا من إنشائه وترسلاته ومنظوماته.
11-الفلك الدائر على الملك السائر (1) ؛ ألفه برسم الخليفة المستنصر؛ بدأ في تأليفه في أول ذى الحجة سنة 633، وفرغ منه في خمسة عشر يوما.
12-القصائد السبع العلويات (2) ، ذكر ابن الفوطى أنه نظمها في صباه وهو بالمدائن سنة 611.
13-المستنصريات؛ كتبها برسم الخليفة المستنصر؛ ومنه نسخة بمكتبة السماوى بالنجف.
14-نظم فصيح ثعلب؛ ذكره ابن شاكر وصاحب كشف الظنون.
15-نقض المحصول في علم الأصول للإمام فخر الدين الرازي؛ ذكره ابن الفوطى وصاحب روضات الجنات وصاحب كشف الظنون.
16-الوشاح الذهبي في العلم الأدبي، ذكره ابن الفوطى.
صفحہ 19
4-تحقيق الكتاب
وحينما شرعت في تحقيق هذا الكتاب بذلت الجهد الممكن في الحصول على النسخ التي تعين على تحقيقه، وقد وقع لي من ذلك ما يأتي:
1-نسخة كاملة تقع في عشرين جزءا بخطوط معتادة مختلفة، مصورة عن الأصل المحفوظ بمكتبة المتحف البريطانى برقم 126؛ ويبدو أنها كتبت جميعها في القرن الحادي عشر والثاني عشر؛ وقد رمزت لها بالحرف (ا) .
2-نسخة كاملة مطبوعة على الحجر في طهران سنة 1271 ه، ورمزت لها بالحرف (ب) .
3-نسخة مصورة عن أصلها المخطوطة بالمكتبة الظاهرية، محفوظ برقم (7904 عام) ، تشتمل على عشرة أجزاء من الكتاب، مكتوبة بخط دقيق، مضبوطة بالشكل الكامل، وعلى حواشيها شروح وتعليقات؛ جاء في آخرها: «وقد فرغ من تسويد هذا الكتاب بعون الملك الوهاب، أقل العباد؛ محمد حسن الأبهرى الأصفهاني يوم الخميس، ثالث صفر، ختم بالخير والظفر، سنة اثنتين وثمانين بعد الألف، من الهجرة النبوية المصطفوية» ، وقد رمزت لها بالحرف (ج) (1)
4-نسخة مخطوطة محفوظة بدار الكتب برقم 1868-أدب، تشتمل على عشرة أجزاء في ثلاثة مجلدات، المجلد الأول يشتمل على عشرة أجزاء في ثلاثة مجلدات؛ المجلد الأول يشتمل على الأجزاء: السادس والسابع والثامن. والمجلد الثاني يشتمل
صفحہ 20
على الجز أين: التاسع والعاشر؛ وهذان المجلدان مكتوبان بخط فارسى، بخط محمد مؤمن، سنة إحدى وأربعين وألف؛ أما المجلد الثالث فيشتمل على الأجزاء الخمسة الأخيرة؛ من الجزء السادس عشر إلى الجزء العشرين؛ تمت كتابتها سنة تسع وتسعين وألف، بخط محمد مزيد. وقد رمزت لها بالحرف (د) (1) .
كما أنى رجعت في تحقيق متن نهج البلاغة-فوق النسخ التي اعتمدت عليها في شرحه-إلى نسخة منه مخطوطة محفوظة بمكتبة طلعت بدار الكتب برقم 4840- أدب، وهي نسخة خزائنية كتبت بالقلم النسخ الجميل، مضبوطة بالشكل الكامل؛ ومحلاة بالذهب واللازورد، كتبت برسم «خزانة غياث الحق والدين» ، سنة اثنتين وثمانين وستمائة، بخط الحسين بن محمد الحسنى.
*** وقد اقتضانى أيضا تحقيق هذا الكتاب الجامع أن أرجع إلى ما أمكننى الاطلاع عليه من الكتب التي رجع إليها المؤلف، كتاريخ الطبري، والأغانى ومقاتل الطالبيين لأبى الفرج الأصفهاني، والحيوان والبيان والتبيين والعثمانية للجاحظ، والشافي للشريف المرتضى، والمغني للقاضي عبد الجبار، وحلية الأولياء لأبى نعيم، وكتاب صفين للمنقري، والكامل للمبرد، والأوائل لأبى هلال العسكري، ونسب قريش للزبير بن بكار، والمنتظم لابن الجوزى
صفحہ 21
والصحاح للجوهري، وغيرها من كتب الأدب واللغة والتاريخ؛ كما أنى رجعت فيما أورده من الشعر إلى دواوين الشعراء والمجموعات المختارة منها. وحاولت أن أضبط الأعلام والنصوص اللغوية والشعرية ضبطا صحيحا؛ وعلقت في الحواشى ما اقتضاه إيضاح النص تعليقا وسطا في غير إسراف ولا تقصير.
كما أنى فصلت موضوعاته بعناوين وضعتها بين علامتى الزيادة لتتضح معالم الكتاب، وتسهل الإحاطة بما فيه.
وسيخرج الكتاب-بما أرجو من الله المعونة والتأييد-في عشرين جزءا كما وضعه مؤلفه؛ أما الفهارس العامة المتنوعة فسأفرد لها جزءا خاصا في آخر الكتاب، والله الموفق للصواب ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير
.
القاهرة في 10 جمادى الآخرة سنة 1378 ه 21 ديسمبر سنة 1958 م محمد أبو الفضل إبراهيم
صفحہ 22