وإن قلتم : لا .
قلت : فلماذا القول بأن في بمعنى على .
وأما ( في ) في قوله تعالى : (( ولأصلبنكم في جذوع النخل )) [طه : 71 ] فهي مجاز واستعارة ؛ لأن الاستعارة كما تكون في الأسماء والأفعال تكون في الحروف ، فكيف عدلتم عن الحقيقة إلى المجاز وأنتم ترفضون التأويل وتنكرون المجاز ؟!
إن قلتم : إننا ننكر المجاز في صفات الله .
قلت : فالعلو الحقيقي عندكم صفة وظاهر الآية أنه تعالى في السماء - ولذلك قلتم بأن في بمعنى على - وأن السماء ظرف لله عز وجل .
قال المخالف : إن السماء تطلق ومعناها مطلق العلو ؛ تقول : سما الشئ . أي علا .
قلت : العلو الحقيقي في كلام العرب لا يكون إلا في جهة ومكان لأن العرب تخاطبوا بهذه المفردات من واقع ملموس يعيشونه ، وأما العلو المجازي فصحيح والمراد علو الأمر والنهي .
أما إذا أردت علوا حقيقيا لا في جهة ومكان مخلوقين فهلم الدليل على أن العرب ذكروا العلو الحقيقي من دون أن يكون في جهة ومكان ، إذ أن القرآن نزل بلغتهم .
قال المخالف : إن رفع المسلم يده إلى السماء يدل على أن الله في العلو .
قلت : رفع المسلم يده إلى السماء لا يعني أنه عز وجل حال في السماء بإجماع علماء الأمة حتى علماء هذا المخالف ، فهل تقولون إن الله في السماوات السبع ؟!
وأما السماء التي لا تعني السماوات السبع فالمسلمون لا يرفعون أيديهم إلى هذه السماء التي هي عدمية ، لأنك تقول في علو عدمي ومكان عدمي وجهة عدمية ، ذلك أن المسلم لا يرفع يده إلا إلى السماء المخلوقة الظرفية المحيطة بمن داخلها ، فهل الله فيها فيكون محاطا ؟ والعلو العدمي لا يمكن أن يشار إليه لأنه عدم وغير موجود أصلا !
فإذا بطل كون الله في مكان تعين أن رفع الأيدي إلى السماء هو لكونها قبلة للدعاء كما أن الكعبة قبلة للصلاة ، وكما أن توجه المسلم إلى الكعبة وسجوده وركوعه إلى الكعبة لا يعني أن الله في الكعبة كذلك ما نحن فيه .
....
صفحہ 5