ثم إن من عقائد هؤلاء أن الله ينزل بذاته إلى سماء الدنيا ، ويلزمهم على قولهم هذا أن صفة العلو لله تنتفي عن الله حينما ينزل ، ويلزمهم أن يكون الله تعالى حينما ينزل محصورا بين طبقتين من العالم ذلك أنهم يقولون إنه ينزل نزولا حقيقيا ، والنزول كما قال ابن القيم : النزول المعقول عند جميع الأمم هو إنما يكون من علو إلى سفل (1) . وقال ابن القيم : إن رسول الله قال في الكتاب الذي كتبه الرب إنه عنده فوق العرش (2).
قلت : فهل الكتاب مشارك لله في الفوقية ، وهل الكتاب ليس في جهة ومكان تحيط به فيكون مشاركا لله في عدم احتياجه إلى مكان وجهة مخلوقين ، ومشاركا لله في الفوقية والعلو ؟!
وقوله تعالى : (( ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض )) [ الملك : 16 ] ؛ المراد ءأمنتم ملائكته الموكلون بالعذاب أن تخسف بكم الأرض أو ءأمنتم من مقدوره في السماء أن يخسف بكم الأرض ، فالآية لا تدل على أن الله في السماء إذ لو قلنا أن الله في السماء لجعلنا السماء تحيط بالله عز وجل ، ولجعلنا السماء أكبر من الله وأقوى من الله بحيث أنها حملته ومحيطة به، ولجعلنا الله عز وجل ماديا جسما تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
قال المخالف : إن ( في ) بمعنى على أي ءأمنتم من على السماء ؛ قال تعالى : (( لأصلبنكم في جذوع النخل )) [طه : 71 ] أي على جذوع النخل .
قلت : فليس في ظاهر الآية ما يدل على أنه عز وجل في السماء التي فوق السماوات السبع ، ثم إن قوله : إن ( في ) بمعنى (على) خروج عن الظاهر وتأويل منعتم منه مخالفيكم وأجزتموه لكم ؛ لأن ( في ) تفيد في أصل وضعها الظرفية .
ونقول لكم ما قلتم لنا : هل في ظاهر الآية الضلال بحيث قلتم بأن في بمعنى على ؟
إن قلتم : نعم .
قلت : فلماذا التشنيع على من أول اليد بالقدرة أو النعمة وأول الوجه بالذات ؟
صفحہ 4