آيات الوجه
قلت : قال تعالى : (( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )) [ الرحمن : 27 ] ؛ أي يبقى الله ربنا ورب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فرفع (( ذو )) لأن المراد بالوجه الله عز وحل الذي هو ربنا جل جلاله ؛ يقال : جاء زيد وجهه . أي جاء هو لا غيره .
فمن أثبت لله عز وجل وجها حقيقيا وصفة له على حد زعمه فيلزمه أن لا يبقى ذات الله بل تبقى صفة الوجه فقط ، وهذا هو الكفر بعينه .
فإن قالوا : يبقى الوجه مع الذات .
قلت : من أين لكم أن الوجه لا يعني الذات ، ثم إن قولكم هذا تأويل وأنتم حرمتم التأويل ، فمن أين عرفتم بقاء الذات مع الوجه ؟! لأن الآية تنص على بقاء الوجه فقط !
وقال تعالى : (( كل شئ هالك إلا وجهه )) [ القصص : 88 ] فيلزمكم اضمحلال الذات واليد والرجل والساق والجنب إلا الوجه التي هي صفة عندكم .
فإن قالوا : إن المراد كل شئ هالك إلا الله المتصف بأن له وجها .
قلت : فيلزم اضمحلال الصفات التي هي عندكم اليد والرجل والساق عدا الذات التي لها وجه ، وما الفائدة من التنصيص على ذكر الوجه مع بقاء الذات والوجه؟ ويكون هلاك بقية الصفات هلاكا يليق بجلاله؟!
وقولهم : إن صفة الوجه غير صفة اليد وغير صفة الساق وغير صفة القدم . فيه إثبات للأجزاء ؛ لأن لفظة ( غير ) لا تكون إلا بين شيئين ، وهو إثبات للتعدد ، والتعدد شرك ، وهلم الدليل على وجود الصفات والمعاني التي زعمتم (( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )) [ البقرة : 111 ] .
ثم إن قولكم إن هذه الصفات التي زعمتم قائمة بالله وبذاته تصريح بحلولها في ذاته تعالى ، والحلول من صفات الأجسام والله منزه عنها، أم أنه حلول يليق بجلاله تعالى.
واعلم أن صفات الله من كونه عالما وقادرا وحيا وأزليا هي ذاته لا غير ، بمعنى أنه لا يستحقها لفاعل أو معنى وليس المراد أنها غير الله أو أنها حالة في الله فمثلا الإنسان لا يستطيع القيام إلا إذا كانت فيه صفة القدرة وهي غير الإنسان بدليل أن ذات الإنسان موجودة ومفقودة فيه صفة القدرة كالمشلول ، أما الله عز وجل فقادر من دون هذه الأشياء ، فتأمل هذه الفائدة فهي تفيدك أيها المستحق للخطاب .
قال المخالف : أن نثبت أن لله وجها حقيقيا.
قلت : يا ترى ما هو هذا الوجه الحقيقي وما مرادكم بقولكم حقيقيا ؟!!
صفحہ 22