قيل إنه مرَّ جرير الشاعر بسعيد بن المسيب، فقال من هذا فقيل له الذي يقول: [الطويل]
سألتُ سعيدًا يا فتى المدينة ... هل في حُب دهماء من وزر
فقالَ سعيد بن المسيب إنما ... يلامُ على ما يستطيعُ منَ الأمرِ
قال سعيد بن المسيب: يا فتى المدينة ما سألني أحد، ولو سألني لأحبت، وحكي عن مالك بن أنس أن شاعرًا جاءه فقال: إنني قلت أبياتًا ذكرتك فيها فاجمعها، فقال لا حاجة لي منها، قال أحب أن تفعل، فقال هات فأنشده: [الطويل]
سلُوا مالكَ المُفتي عن اللهو، والصبي ... وحبِّ الحسانِ المُعجباتِ الفواركِ
يُخبركم عني مصيبٌ وإنما ... أسلي همومُ القلب عني بذلكِ
فهلْ لمحبٍ يكتمُ الحبَّ والهوى ... آثامَ وهلْ ضمِّهِ المتهالكِ
فسري عن مالك، وكان ظنه أنه هجاه، يقال إن المال قي الأنف، والحسن في العين، والملاحة ني الفم، ظ ل رجل للفضيل بن عياض: بعني رجلًا أتخذه لسري وآمنه على أمرى، فقال له ة تلك ضالة لا توجد. وقيل لبعض الحكماء: من أبعد الناس سفرًا؟ قال: من كان في طلب طريق يرضاه، قال ابن السَّماك في بعض كلامه: لق أمهل، حتى كأنه أهمل، ولقد ستر، حتى كأنه غفر، قيل لبعض الحكماء: أي الكنوز خير؟ فقال: أما بعد تقوى الله سبحانه، والأخ الصاع، قال جابر بن عبد الله البجلي، ما حجبني رسول الله ﷺ منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي. أنشد المبرد: [الطويل]
تودُّ عدوي ثم تزعم أنني ... أودك إن الرأي عنكَ لعازبُ
وليس أخي من ودَّ في رأي عينه ... ولكن أخي من ودني في العواقب
قال بعض الحكماء: إيّاك ومعاداة الرجال فإنها لن تعدمك مكر حليم، أو مفاجأة لئيم، قال عمر بن الخطاب ﵁: إذا رزقك الله مودة امرئ مسلم فتشبث بها، أنشد المبردة: [الوافر]
وكنتُ إذا الصديقُ أرادَ غيظي ... وأشرقني على خثو بريقي
غفرتُ ذنوبه ولطمتُ غيظي ... مخافةَ أن أكون بلا صديقِ
قال رجلٌ من عبد القيس لابنه: يا بي لا تؤاخِ أحدا، حتى تعرف موارد أموره ومصادرها، فإذا استنبطت منه الخير ورضيت منه العشرة فآخه على إقالة العثرة، والمواساة عند العشرة، روى أبو هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: "رأس العقل بعد الإيمان المودة للناس".
وقال المنصور: إذا أحببت المحمدة من الناس بلا مؤونة فألقاهم ببشرٍ حسن.
قال كعب الأحبار: لين وجهك للناس تكن أحب إليهم كن يعطيهم الذهب، والفضة، وروي عن النبي ﷺ أنه قال: "إنكم لم تسعُوا بأموالكم فسعوهم ببسط الوجه وحمسن الخلق".
وقال النبي ﷺ: "تمام محبتكم المصحافة".
وقال عليه الصلاة، والسلام: حين جاءه أعرابي، فقال يا رسول الله: إنا من أهل البادية، يجب أن تعلمنا علمًا وعملًا لعل الله أن ينفعنا به قال: "لا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستقي، وإن تكلم أخاك، ووجهك إليه منبسط".
وقال الحسن يزيد في المحبة، وقال مجاهد عن معاذ إن المسلمين إذا التقيا فضحك كل واحد منهما في وجه صاحبه، ثم أخذ بيده تحاتت ذنوبها، كما تحاتت ورق الشجر، يقال إن المودة قرابة مستفادة، وهى أشد الأحساب، وأقرب الأسباب. وقال بعض الشعراء: [البسيط]
قد يمكثُ الناس حينًا ليس بينهمُ ... ودٌ فيزرعهُ التسليم واللطفُ
يُسلي الخليلين طولُ النأي بينهما ... ويلتقي شعبُ شتى فيأتلِفُ
وقال بشر بن السري: ليس من البر أن تحب من أبغضه حبيبك، قال ابن عباس: من أحب أخواني إليَّ أخٌ إن غبتُ عذرني، وإن جئته قبلني، قال الأصمعي ليس للروم صاد، ولا للفرس ثاء، ولا للسريان دال. لبعضهم [الوافر]
تولتْ دولةُ الحسن بن سهلٍ ... ولم أبللْ لهاتي من نداهَا
فإنْ ذهبتْ فلا تبكي عليها ... فإن بُكَى عيني من بكاها
لابن أبي الدنيا: [مجزوء الوافر]
تولتْ بهجةُ الدنيا ... فكلُّ جديدها خلقُ
وخان الناس كلهمُوا ... فلا أدري بمن أثقُ
كأنَّ مكارمَ الأخلاق ... سدَّتْ دونَها الطرُقُ
فلا حسبٌ ولا كرمٌ ... ولا دينٌ ولا خُلُقُ
لابن الرومي في البطيخ: [مجزوء الوافر]
1 / 49