فكم قال في البطيخ قولَ ... خبيرٌ حين ذمَّ لدى الخصامِ
تحياتُ وفاكهةٌ وإدم ... وها صوم الثقيل من الطعامِ
وأشنان وحلواءَ مهيأٌ ... وعندَ العسر كوب للمدامِ
وبعدَ الطلىْ في الحمام طيبٌ ... وضقي للمتانة كلِّ عامِ
وسهلُ المُجتنى دان لطيفٌ ... وذلله المهيمنُ للأنامِ
شكا أهل دمشق إلى ابن أبي الدرداء، قلة ممرهم، وتغير أشجارهم، فقال أطلتم حيطانها، وأكثرتم حراسها فجاء البلاء من فوقها.
دخل سالم بن عبد الله بن عمر على سليمان بن عبد الملك، وعلى سالم ثوب رث مشتمل به، فلم يزل سليمان ترحب به، حتى أجلسه معه على سريره، وعمر بن عبد العزيز معه في المجلس، فقال رجل من القوم لعمر، ما استطاع خالك أن يلبس ثيابًا هي أحسن من هذه، ويدخل على أمير المؤمنين، فقال عمر ما رأيت ثياب خالي وضعته إلى مكانك، ولا ثيابك رفعتك إلى مكانه.
ودخل محمد بن كعب على سليمان أيضًا في ثياب رثة فقال له: ما حملك على لبس هذه؟، فقال أكره أن أقول فقرا فاشكو ربي، أو أقول زهدًا فأطرى، وأزكى نفسي. دخل وكيع بن أبي الأسود على عدوك! بن أرطأة، وهو والي العراق من قبل عمر بن عبد العزيز فلبس عنده ثيابه.
فقال لوكيع سوِّ علي ثوبي يا أبا المطرف، فقال وكيع ذكرتني الطفر، وكنت ناسيًا إن في خُفي ضيق فمد أيها الأمير، فقال له: يا أبا المطرف إن الرجل ليتولى من أخيه ما هو فوق هذا، فقال له: يا عدى إذا غزلت عنا فكلفنا ما أجبت فأما، وأنت ترى بنفسك علينا قدرة وبيدك بسطت، لشاعر في هذا المعنى [المتقارب]
إذا عُزل المرءُ صافيته ... وعند الولاية استكبرُ
لأن الوليَّ لهُ نخوةٌ ... ونفسي على الذلَّ لا تصبرُ
قيل لوهيبة بنت معن قد أفقرت بناتك بكثرة صلاتك فقالت يعينهن من تقربت إليه ني حفظهن بتفريق مالي له. سأل الفضل بن الربيع رجلًا عن قاضى بلدته، فقال جمع فأوعى، وسأل فأكدى، وحكم فتعدى، وطغى لما استغنى، قال ابن عباس التفكير في الخبر يدعو إلى استعماله، والعمل به، والندم على الشر يدعو إلى تركه، يقال من هانت الدنيا عليه مالت القلوب إليه، ومن عمل الرد، فقد أحسن الرفد.
قال سهل بن هارون في صدر كتاب له، وجب على كل ذي عقل له أنْ يبتدئ بالحمد، بل استفتاحها، كما يبتدئ النقمة قبل استحقاقها. قال المنصور لجرير بن يزيد إني لأعدك لأمر كبير، فقال يا أمير المؤمنين أن الله قد أعدَّ لك مني قلبًا معقودًا ينصحك، ويدًا مبسوطة بطاعتك، وسيفًا مشحوذًا على أعدائك فإذا شئت، قيل لأنوشروان من أطول الناس عمرًا؟ فقال: من كثر علمه فناوب له غيره من لعده، ومن كثر معروفه فشرف به عقبه. قيل للفضل بن يحيى من أعقل الناس؟ قال من عرف مقادير الأمور قولًا وفعلًا.
وسأل قباد الملك بعض الحكماء فقال: أخبرني من أعدل الناس، وأجور الناس، وأحمق الناس، وأكيس الناس، وأسعد الناس؟ فقال الحكيم أما أعدلهم، فمن أنصف من نفسه، وأما أجورهم، فمن رأى جوره عدلًا، وأما أحمقهم، فمن يصدق- مما لا يكون، وأما أكيسهم، فمن أخذ للأمر أهبته قبل نزوله، وأما أسعدهم، فمن ختم له في عاقبته بخير. وقال أنوشروان الحكيم من أكمل الناس مروءة؟ قال: من أحرز دينه، ووصل رحمه فأكرم إخوانه، وأصلح ماله. وقيل لبعض الحكماء، وما الشكر قال الإقرار بالنعمة وجزاؤها بالحسنى مضمرًا وقائلًا وفاعلًا مجزأ الضمير النية، والمحبة، والطاعة وجزاء الفعل المعاونة، والصبر عليه، والسعي فيما يرضي المنعم، وقال بعض الشعراء:
وقدً عرضتْ لي حاجةٌ وأظنني ... بأني إذا أنزلتُهَا بكَ تنجحُ
فإن ألكُ في أخذ العطية مربحًا ... فإنكَ في بذلِ العطية أريحُ
لأن لك العقبي من الأجرِ خالصًا ... وشكري من الدنيا فحقَّكَ أرجح
يُروى عن محمد بنشهاب الزهري، أنه قال أول حب ظهر في الإسلام حب النبي ﷺ لعائشة رضي الله تعالى عنها روى حماد بن زيد عن مجاهد بن سلمة قال لما أتى زيد بن حارث إلى النبي ﷺ جاء رسول الله إلى منزل زيد، فخرجت ابنة له صغيرة، فلما رأت النبي ﷺ أجهشت في وجهه بالبكاء فبكى، حتى انتحب، فقيل له ما هذا يا رسول الله؟ قال: "شوق الحبيب إلى حبيبه".
1 / 50