هو ربهما ومولاهما وهما عبيده، كما أنكم عبيده فلا تحابوا غنيًا لغناه، ولا فقيرًا لفقره فإن الله أولى بهما منكم.
وقد يقال: فيه معنى آخر أحسن من هذا، وهو أنهم ربما خافوا من القيام بالقسط وأداء الشهادة على الغني والفقير.
أما الغني فخوفًا على ماله، وأما الفقير فلإعدامه وأنه لا شيء له فتتساهل، النفوس في القيام عليه بالحق، فقيل لهم: والله أولى بالغني والفقير منكم، أعلم بهذا وأرحم بهذا، فلا تتركوا أداء الحق والشهادة على غني ولا فقير.
ثم قال تعالى: ﴿لا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا﴾ نهاهم عن اتباع الهوى الحامل على ترك العدل. وقوله تعالى ﴿أَنْ تَعْدِلُوا﴾ منصوب الموضع لأنه مفعول لأجله، وتقديره عند البصريين: كراهية أن تعدلوا، أو حذر أن تعدلوا، فيكون اتباعكم للهوى كراهية العدل أو فرارًا منه، وعلى قول الكوفيين التقدير. أن لا تعدلوا، وقول البصريين أحسن واظهر.
الليّ والإعراض:
ثم قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ ذكر سبحانه السببين الموجبين لكتمان الحق محذرا منهما ومتوعدا عليهما:
1 / 34