الحديث: "إنما الحاج الشعثُ التَّفِلُ، يقول الله تعالى: انظروا إلى زوار بيتي، قد جاؤوا شُعْثًا غُبْرًا من كل فجٍّ عميق"، وقال تعالى: ﴿لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ والتفث: الشعث، والاغبرار، وقضاؤه بالحلق وقصِّ الشارب والأظفار.
ومنها:
٢٤ - أنه كان من هديه ﷺ في أسفاره، قصرُ الصلاة الرباعية، والاقتصارُ على الفرائض دون نوافها، إلا سنَة الفجر والوتر؛ فإنه كان لا يدعُهما.
ومنها:
٢٥ - أنه كان من هديه ﷺ إذا ارتحل بعد زوال الشمس، جمع الظهر إلى العصر، وصلى الصلاتين معًا، وإن ارتحل قبلَه، أخَّر الظهر إلى العصر، فينزل لهما معًا، وكذلك المغرب والعشاء، لم يأتِ أنه ﷺ صلى الصلاة لأول وقتها منفردة عن الأخرى، وكان من هديه أداءُ الناقلة المطلقة على راحلته.
هذه آداب السفر التي ذكرها أهل المناسك في كتبهم، وهي لا تختص بالحج والعمرة، بل تعم الأسفارَ كلَّها، ولكن إذا كان مراعاتها في آحاد الأسفار يستحب ويسن، ففي سفر الحج الذي هو خير الأسفار وأصعبها بالأولى، فلذلك ذكرتُها، وإن طالت ذيولها.
٣ - فصل في وجوب الحج والعمرة لله ﷿-
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (٩٦) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: ٩٥ - ٩٧]، وعن أبي هريرة قال: خطبَنا رسولُ الله ﷺ فقال: "أيها الناس! قد فُرض عليكم الحجُّ فحجوا" رواه أحمد، ومسلم، والنسائي. وقالوا: الحج فريضة محكَمة على كل مكلف حر مسلم مستطيع، يكفر جاحدُها، ويفسق تاركها بغير عذر، ولا يجبُ إلا مرة واحدة، باتفاق الأئمة، وعليه إجماع الأمة، قاله الحافظ ابن حجر، والنووي، وغيرهما، وكذلك العمرةُ عندَ من قال بوجوبها؛ كالشافعي: لا تجب إلا مرة واحدة، إلا أن ينذر، فيجبُ الوفاء بالنذر بشرطه.
1 / 41