الحال الهمة، ويناقض حسن الخلق، ولم ينه الله المحرمَ ولا غيره عن الجدال مطلقًا، بل الجدال قد يكون واجبًا أو مستحبًا، كما قال تعالى: ﴿وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥]، وقد يكون محرَّمًا؛ كالجدال في الحق بعد ما تبين، وهذا يعم الحجَّ وغيره.
ومنها:
٢١ - ما روى أبو هريرة عنه ﷺ: أنه قال: "ثلاثُ دَعَوات مستجابات لا شكَّ فيهن:
١ - دعوة المظلوم،
٢ - ودعوة المسافر،
٣ - ودعوة الوالد على ولده" رواه أبو داود، وابن ماجه، وحسنه الترمذي، وليس في راوية أبي داود: "على ولده"، وعن عمر: جاء غلام إلى النبي ﷺ، فقال: إني أريد الحج، فمشى معه رسول الله ﷺ، فقال: "يا غلام! زَوَّدَكَ اللهُ التقوى، ووجَّهك في الخير، وكفاك الهمَّ"، فلما رجع الغلام، سلم على النبي ﷺ، فقال: "قبلَ اللهُ حجَّك، وغفرَ ذنبك، وأخلف نفقتك" رواه ابن السني. وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: "اللهم اغفرْ للحاجِّ، ولمن استغفر له الحاجُّ" رواه البيهقي، وقال الحاكم: هو صحيح على شرط مسلم.
ومنها:
٢٢ - الإحرامُ من دُوَيْرَةِ أهلِه، فقد قيل: إن ذلك من تمام الحجّ، قاله عمر، وعلي، وابن مسعود في قوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦].
ومنها:
٢٣ - ألا يركب إلا زاملةً، وحجَّ رسولُ الله ﷺ على راحلة، وكان تحته رحلٌ رَثٌّ، وقَطيفة خَلَقَة ثمنُها أربعة دراهم، وقيل: إن هذه المحامل أحدثها الحَجَّاج، وكان العلماء في وقته يُنكرونها، وكان ابن عمر إذا نظر إليها يقول: الحاجُّ قليل، والركبُ كثير، ثم نظر إلى رجل مسكين رثِّ الهيئِة تحتَ جوالقَ، فقال: هذا من الحُجاج.
وفي "سفر السعادة": وكان ﷺ راكبًا على بعير عليه رحل، وليس عليه شقذف، ولا محارة، ولا محمل، ولا هودج، ولا مِحَفَّة، انتهى. فينبغي أن يكون رثَّ الهيئة، أشعثَ أغبرَ، غيرَ مستكثر من الزينة، ولا مائل إلى أسباب التفاخر والتكاثر، فيكتب في ديوان المتكبرين، لا يسرف في التنعُّم والترفُّه والتزيُّن؛ فإن ذلك بعيد عن المسكنة التي هي مقصودة بعبادة الحج، وفي
1 / 40