============================================================
فعلى العباد أن يقوموا بما أوجب الله تعالى عليهم في أنفسهم، وفيمن استرعوه، فالأمام راع على الناس ، يجب عليه حفظ ما استرعى من أمورهم ، وكذلك الخاصة والعامة، ألا ترى (إلى) (1) عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، يقول: "لو أن سخلة (2) ضاعت بشاطىء الفرات لخشيت أن يسألني الله عز وجل عنها" . فكل حق اوجبه الله، جل وعز، على عباده في خاصة أنفسهم او فيما أوجب لبعضهم على بعض، فقد آمرهم بحفظه والقيام به ، وذلك رعاية حقه الذي افترضه عليهم والقيام به.
ولقد ذم الله تعالى قوما من بني إسرائيل ابتدعوا رهبانية لم يؤمروا بها، فلم يرعوها حق رعايتها، فقال تعالى: ورهبانية أبتدعوها ما كتبناها عليهم)(2).
وقد اختلف في هذا الحرف، فقال مجاهد : "ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله" عليهم أي : كتبناها عليهم ابتغاء رضوان الله.
وقال أبو أمامة وغيره: ما كتبناها عليهم أي: لم نكتبها عليهم ولم يبتدعوها إلا ابتغاء رضوان الله ، فعابهم الله عز وجل بتركها وهذا أولى التفسيرين بالحق إن شاءا اله، وعليه أكثر علماء الأمة فقال الله تعالى (4) : فما رعوها حق رعايتها) (5) .
فذمهم الله تعالى بترك رعاية ما لم يفترض، ولم يوجب عليهم، فكيف بمن ضيع رعاية حقوقه الواجبة، التي أوجب في تضييعها غضبه وعقابه، وجعل القيام بها م فتاحا لكل خير في الدنيا والآخرة، وهي التقوى ، ولأهلها أعد الجنة ، ولأهلها جعل الأمن في الآخرة، وإياهم وعد قبول الأعمال، وإياهم سمى بالولاية، ورفع (1) ما بين الحاصرتين: سقطت من ط (2) سخلة : الشاة الصغيرة.
(3) سورة الحديد، الآية: 27.
(4) في ط: عز وجل.
(5) سورة الحديد، الآية: 27.
صفحہ 32