204

فأخبر الرسول محمود فأدركته الرقة، وقال: قف فإنه ليس ذلك الرجل الذى ظنناه فخلع ثوبه على إياز، وألبس عشر جوار ثياب الغلمان، ووقف حاجبا لإياز، وجعل الامتحان فى صومعة الشيخ، ولما دخلوا باب الصومعة سلموا، فرد الشيخ السلام، إلا إنه لم يقف، فالتفت إلى محمود ونظر إلى إياز، فقال محمود: لما لم ينهض الشيخ؟، قال: إن هذا دأبه، ولكن ليس له طائر، ثم قال لمحمود: تقدم إلى ، لقد جعلوك رئيسا، ولما جلس محمود قال: قل شيئا، قال: لا تخرج مع المحرمات، فأشار محمود فخرجت الجوارى، فقال محمود: قل لى شيئا عن بايزيد، فقال الشيخ: قال بايزيد: إن كل من رآنى أمن الشقاء، فقال محمود: إن النبى (عليه السلام) أقدم، وقد رآه أبو جهل وأبو لهب وهما من أهل الشقاء، فقال الشيخ: الزم الأدب يا محمود، وتصرف فى ولايتك، فما رأى المصطفى (عليه السلام) إلا أصحابه الأربعة، وبعض صحابته، والدليل على ذلك قول الله تعالى وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون 5

فسر محمود من هذا الكلام، وقال: عظنى، قال: احفظ أربعة أشياء: التعفف، وصلاة الجماعة، والكرم، والشفقة على خلق الله، فقال محمود: ادع لى، قال: أدعو فى الصلوات الخمس اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، قال: ادع لى دعاء خاصا، قال: يا محمود لتكن عاقبتك محمودا، ثم وضع محمود بدره من ذهب أمام الشيخ، ووضع الشيخ قرصا من شعير أمامه، قال: كل فمضغ واعترض حلقه، فسأله الشيخ: أيعترض حلقك!، قال: نعم، قال: أنت تريد كذلك أن تعترض بدرتك حلقى، خذها فقد رفضتها، ثم قال محمود: أعطنى تذكارا منك، فأعطاه الشيخ قميصا له، ولما عاد محمود، وقف له الشيخ، فقال محمود: عند ما جئت أولا لم تعرن اهتماما والآن تقف إلى، كيف هذا؟!، فقال الشيخ: جئت فى البداية برعونة الملك وكبريائه، والآن تذهب منكسرا مسكينا.

صفحہ 238