165

ثار زكرويه بن مهرويه فى الكوفة فى عهد المكتفى، ودعا الخلق لمذهب القرامطة، وكان له ولدان: يحيى وحسن، وكان على وجه حسن علامة سوداء، وكان يقول: هذه علامة السامية ولقبوه بصاحب الشامة السوداء، ودعا طائفة بنى كلاب فى البادية وتابعوه، ونزلوا فى الشام، واستولوا على دمشق وحمص، وكان المكتفى فى سامراء، فأخبروه فجمع الجيش ومضى إلى الرقة، واستقر هناك، وكان يرسل الجيوش تباعا، وأرسل محمد بن سليمان مع عشرين ألف رجل، وأمر محمد بأن ينثروا عشرين ألفا من النفط فى أطراف معسكرهم، ولما اصطفوا فى اليوم التالى، وحمل عليهم الخوارج، أشاح عنهم محمد بن سليمان؛ فتعقبوه ووقعت النار فيهم، وكل من نجا من شر النار وقع فى أسر السيف الحسام، وأسر صاحب الشامة مع ابنيه، وأرسلوهم إلى حضرة الخليفة مقيدين فعوقبوا، وبعد ذلك ثار محمد بن هارون فى طبرستان، فكتب الخليفة رسالة إلى إسماعيل السامانى فقتلوه.

وتوفى فى آخر أيامه أبو الحسين بن أحمد بن محمد الثورى الذى كانت ولادته ونشأته فى بغداد، وأدرك صحبة السرى، وأحمد بن الجرارى، وكان من أقران الجنيد، وتوفى فى سنة خمس وتسعين ومائتين، وفى كل يوم كان يخرج من بيته فى بداية أمره يحمل معه خبزا يتصدق به فى الطريق، وكان يعقد النية للصيام، ويمضى للمسجد؛ ليؤدى صلاة الظهر، وبعد ذلك يذهب للحانوت، فكان أهل البيت يظنون أنه يأكل شيئا فى السوق، وكان أهل السوق يظنون أنه يأكل فى البيت، وظل على تلك العادة عشرين عاما، قال: لما كان البرقع غطاء الآلام، فإن الحريم فى هذا الزمان رمم، فقال أحمد المعادى: لم أر من هو أكثر تعبدا من الثورى، قالوا: ولا الجنيد؟، قال: ولا الجنيد، وقال مرتعش: سمعت من الثورى أنه قال: كل من تراه يدعى أن له مع الله تعالى حالا، انظر إذا كانت هذه الحال خارجة عن حدود الشرع فلا تقترب منه، ودسوا السم للمكتفى، وأحضر محمد بن يوسف القاضى، وعبد الله بن على بن أبى الشوارب، فأسند ولاية العهد إلى أخيه جعفر، وتوفى يوم الأحد الثالث عشر من ذى القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين، وكان فى الحادية والثلاثين من عمره، ومدة خلافته ستة أعوام وستة أشهر واثنين وعشرين يوما.

المقتدر بالله أبو الفضل جعفر بن المعتضد:

صفحہ 190