وتوفى القاضى أبو عبد الله أحمد بن أبى داود بعد وفاة ابنه أبى الوليد بعشرين يوما فى نفس السنة، وتوفى أبو جعفر محمد بن عبد الله الإسكافى، والإمام أحمد بن محمد بن حنبل، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبى مرة المؤذن المكى القارئ فى نفس السنة، وتوفى أبو عمرو بن عبد الرحمن بن أحمد بن بشير بن ذكران القرشى الدمشقى فى سنة مائتين واثنتين وأربعين، والشيخ أبو عبد الله حارس بن أسد المحاسبى فى بغداد سنة مائتين وثلاث وأربعين.
أصله من البصرة، وكان فى وقته شيخ المشايخ ببغداد.
يقول الشيخ أبو عبد الله بن خفيف: اقتدوا بخمسة من مشايخنا، واهتدوا بأحوالهم، وسلموها للآخرين، ولا تعارضوا، الأول: الحارث المحاسبى، والثانى: الجنيد البغدادى، والثالث: رويم، والرابع: عباس بن عطاء، والخامس: عمرو بن عثمان؛ لأن هؤلاء جمعوا بين العلم والحقائق، وكل من له اعتقاد بغيرهم فلا يجدر به إلا أن يقتدى بهم. قال الحارث: المراقبة علم القلب بحضرة الله تعالى، والرضا هو الراحة تحت أحوال الأحكام، والصبر هدف سهم البلاء، والتفكر فى الأسباب هو رؤية خفاء الله، والتسليم هو الثبات فى وقت نزول البلاء بلا تغير فى الظاهر والباطن، وعلامة الأنس بالحق هو الوحشة من الخلق، والفرار من كل شىء سوى الله، والإنفراد بحلاوة ذكر الله تعالى.
وتوفى عمرو بن عبيد شيخ المعتزلة فى سنة مائتين وأربع وأربعين، والشيخ أبو الفيض ذو النون المصرى سنة مائتين وخمس وأربعين، قال: علامة غضب الله تعالى على العبد الخوف من الدراويش، وقال: يأتى الفساد للشخص من ستة أشياء: ضعف النية عن العمل للآخرة، والوحدة بلا علم، وأن يغلب عليه طول الأمل مع قرب الأجل، والبعد عن رضا الله، ومتابعة الهوى، وترك سنة الرسول (عليه السلام)، واتخاذ ذلة السلف حجة للخلف، وعدم رؤية فضائلهم.
وتوفى الشيخ أبو تراب النخشبى، وهو عسكر بن حصين صاحب حاتم الأصم، وأبو حاتم العطار البصرى فى نفس السنة.
يقول أبو العباس السيارى: كنت مع أبى تراب فى البادية، فقال أحد الأصحاب: أنا ظمآن، فضرب أبو التراب بقدمه فظهر نبع ماء، فقال ذلك الدرويش: لى رغبة فى شرب هذا الماء فى قدح، فضرب بيده الأرض، وأعطاه قدح ماء أبيض، وكان معنا هذا القدح فى مكة، ثم قال لنا: ماذا يقول أصحابك فى الأعمال التى يصنعها الله تعالى مع أوليائه من الكرامات؟، قلت لم أر أحدا قط يؤمن بهذا إلا قليل، قال: كل من لا يؤمن بهذا فهو كافر.
صفحہ 177