إلى أن قال حفظه الله: ومن أكمل الروايات للخطبة النبوية ما رواه الإمام المنصور بالله عليه السلام في (الشافي) ورواه غيره من علماء العترة والأمة بأسانيدهم ولفظه: أقبل رسول الله من مكة في حجة الوداع حتى نزل بغدير الجحفة بين مكة والمدينة فأمر بالدوحات فقم ما تحتهن من شوك ثم نادى: الصلاة جامعة فخرجنا إلى رسول الله في يوم شديد الحر إن منا من يضع رداءه على رأسه ويضعه تحت قدمه من شدة الحر حتى أنتهينا إلى رسول الله فصلى بنا الظهر، ثم انصرف إلينا فقال: ((الحمد لله نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا لا هادي لمن أضل ولا مضل لمن هدى. وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. أما بعد: أيها الناس فإنه لم يكن لنبي من العمر إلا نصف ما عمرمن قبله، وإن عيسى ابن مريم لبث في قومه أربعين سنة، وإني قد أشرعت في العشرين ألا وإني يوشك أن أفارقكم ألا وإني مسئول وأنتم مسئولون، فهل بلغتكم فماذا أنتم قائلون؟ فقام من كل ناحية من القوم مجيب يقولون: نشهد أنك عبدالله ورسوله قد بلغت رسالاته وجاهدت في سبيله وصدعت بأمره وعبدته حتى أتاك اليقين، وجزاك الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته. فقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الجنة حق والنار حق، وتؤمنون بالكتاب كله؟ قالوا: بلى. قال: أشهد أن قد صدقتم وصدقتموني ألا وإني فرطكم على الحوض فاسألكم حين تلقوني عن ثقلي كيف خلفتموني فيهما. قال: فأعيل علينا ما ندري ما الثقلان، حتى قام رجل من المهاجرين فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما الثقلان؟ قال: الأكبر منهما كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم فتمسكوا به ولا تولوا ولا تضلوا، والأصغر منهما عترتي من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم، فإني قد سألت لهما اللطيف الخبير فأعطاني ناصرهما لي ناصر وخاذلهما لي خاذل، ووليهما لي ولي، وعدوهما لي عدو، ألا فإنها لن تهلك أمة قبلكم حتى تدير بأهوائها وتظاهر على أهل نبوتها، وتقتل من قام بالقسط منها، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فرفعها وقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قالها ثلاث مرات)) انتهى.
وقال مولانا حفظه الله في/ج/1/ص/49: ولهذه الخطبة العظمى والحجة الكبرى طرق جمة قد جمعها حفاظ الأمة وأعلام الأئمة بين مطولة ومختصرة انتهى.
وقال مولانا في اللوامع الجزء الأول صفح(38): وقد رواه الإمام الحسين بن الإمام عليهما السلام في الهداية عن ثمانية وثلاثين صحابيا بأسمائهم غير الجملة كلها من غير طرق أهل البيت عليهم السلام.
وقال السيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير:إن خبر الغدير يروى بمائة وثلاث وخمسين طريقا. انتهى.
وأما غيرهم (عنى أئمة الآل) فقد أجمع على تواتره حفاظ جميع الطوائف، وقامت به وبأمثاله حجة الله على كل موالف ومخالف.
وقد قال الذهبي: بهرتني طرقه فقطعت بوقوعه، وعده السيوطي في الأحاديث المتواترة، وقال الغزالي في سر العالمين: لكن أسفرت الحجة وجهها، وأجمع الجماهير على خطبة يوم الغدير وذكر الحديث، واعترف ابن حجر في صواعقه أنه رواه ثلاثون صحابيا، وذكره ابن حجر العسقلاني في تخريجه أحاديث الكشاف عن سبعة وعشرين صحابيا، وقال آخرون كل منهم يذكر أسماء أفرادهم غير الجملة مثل اثني عشر ثلاثة عشر جمع من الصحابة ثلاثين رجلا. وقال المقبلي في أبحاثه: فإن كان هذا معلوما وإلا فما في الدنيا معلوم انتهى.
وقد تركنا ذكر من أخرجه من الآل الأكرمين ومن شيعتهم، وتركنا ذكر دلالته على إمامة أميرالمؤمنين عليهم السلام لضيق المقام وإحالة على مؤلفات الأئمة الأعلام عليهم السلام:
صفحہ 60