الله تعالى معك ولك ومؤيدك ومثبتك ، خفت العجز والنكول وافتعلت المعاذير كذلك لما أخطأت زعمت أن القدر قواك ، فإذا هممت بالخير تزعم أن القدر خذلك لم لا تعدل وقد عدل الله عليك ولكنك تتخير على القدر بهواك ، فتزعم أن القدر ينهضك إلى الخطأ ، وأن القدر يثبطك عن الصواب ، فلم لا إذ تكلفت ما ليس عليك وازنت ببصيرتك فقلت : وبالقدر أيضا أثبطك عن الخطأ . وبالقدر أنهض إلى الصواب أو لعلك تزعم أن القدر معك إذا أردت الشر ، وليس معك إذا أردت الخير كلا ، لئن قلت ذلك ، لقد ضللت وكفرت ، وما فارقك القدر في حال من حالاتك ، ولقد عدل ربك عليك في جميع أوقاتك ، وفي قدر الله كنت ، وفي قدر الله عز وجل أنت ، وفي قدر الله تكون ، وإنما عليك أن تعمل ولا تطالب ربك بما تعمل ، فاكلف بما كلفت ، ودع عنك أن تحاج الله عز وجل ، فإنك متى خاصمته خصمت . فلا تكون أخي ممن يتخذ الإقرار بالقدر سببا للكسل والوهن في العمل ، ولا تحسب أن عملك مخرجك من قدر الله الذي قدر لك ، ولا أن القدر ، كيف تصرفت بك الحال ، يزايلك . بل اعلم أن عملك من قدرك ، وأن عجزك إن عجزت من قدرك ، وأنك في القدر كنت وفي القدر تكون وإليه تصير ، كيف تصرفت بك الحال ، فمن قدر الله إلى قدر الله ، لا زائغا عنه ولا خارجا منه . فارغب وارهب وجد واعمل ، فليس تسأل عما قضي عليك ، ولكن عما عهد إليك ، ولن تجازى إلا بعملك ، ولن تحاسب إلا بسعيك ، ولن تجد محضرا إلا ما قدمت ، ولن ترد إحدى المنزلتين إلا بما كسبت [ 108 ظ ] ، ولا تلزم الشر إذا تركته وفررت إلى الله تعالىمنه ، { ففروا إلى الله إنى لكم منه نذير مبين . ولا تجعلوا مع الله إلها آخر إني لكم منه نذير مبين } ( سورة الذاريات : 51 ) ، والسلام عليك ، وصلى الله على سيدنا محمد .
فصل
84 - قال محمد : أما الروح فليس يخلو من إحدى منزلتين عند القبض : أن يكون يقبض ، ثم يرد إلى فناء المضجع ، ويكون متصلا إلى أعلى منزلته بقدر ما يجعل
صفحہ 403