النية فيه والمباشرة بفعله . فاجعل مع الإقرار بلزوم مشيئة الله تعالى لك وفيك ، الإقرار بأن الذنب لك ومنك ، وانسب إلى الله عز وجل العدل والفضل والإحسان الذي هو أهله ، والذي لست ترى عندك من الله غيره ، وبؤ على نفسك بالخطأ والزلل واللوم والذنب الذي أنت أهله وجانيه ، والذي لست ترى مع نفسك شريكا فيه ، ونزه الله تعالى وبرئه مما يعمل الظالمون ، سبحانه وتعالى عما يصفون . ثم اعلم مع ذلك أنه قضي عليك ولك إن عملت خيرا أصبت خيرا ، وإن عملت شرا أصبت شرا ، وتركك للخير هو من عملك للشر ، وعملك للشر هو من تركك للخير ، ذلك كله عمل ، ولا ينال شيء من الثواب إلا بالعمل ، ولا يدرك إلا بالسعي ، كالثمرة لا تجتنى إلا من غراس الشجرة . وهكذا قضى الله تعالى أمر الدنيا ودبرها ، وأن الاجتهاد وسيلتك ، والعمل مبلغك ، وأن الله معين المريدين ومؤيد الصالحين ومثبت الصابرين ، { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون } ( سورة النحل : 128 ) . ثم اعلم أن مما قد نزل من فتنة هذا الأمر أن لا أزال أسمع موعوضا يوعظ أو غافلا يذكر ، فيلجأ إلى الاعتذار بالقدر ، فيتخذه عذرا مانعا ، ومخطئا يخطئ ، وآثما [ 108 و ] يأثم ، فيعتذر بالقدر ، فيجعله لنفسه براءة من الذنب ، كالمقيم لنفسه الحجة والعذر . أفلا تتقي الله يا ابن آدم فتعلم من خاصمت ومن حاددت وعلى من احتججت أما إنك إذا قصدت وطر شهوتك التي سخطها الله تعالى منك راكبا لبعض محارم ربك ، فإنك تنهض إليه بأيد أيد وبطش شديد ، غير متوهم حينئذ لمانع يمنعك منه ، أو حاجز يحجزك عنه ، حتى إذا أنت هممت بالخير الذي رضيه الله تعالى منك ، تلكأت وتثاقلت وأخلدت إلى الأرض وتربصت ، ثم افتعلت الحجج وألقيت : { بل الإنسان على نفسه بصيرة . ولو ألقى معاذيره } ( سورة القيامة : 14 ) . أحين نهضت إلى الشيء فعلمت أن الله خاذلك ومعرض عنك وواكلك إلى نفسك ، لم تخف عجزا عنه حتى بلغت غاية ما تريد منه ، فلما هممت بالخير فعلمت
صفحہ 402