له في الأولى والثانية أو حيث كان . فإن جاوز السماء وفتحت له ، فهو إن شاء الله ممن يرى الجنة من موضعه ذلك من أعلاه ، وكلما قرب إليها كان أبين له وأروح حتى [ يبلغ ] إلى منزلة الشهداء الذين يشاهدون الملكوت رؤية مشاهدة ومداخلة في الروضة والفناء والساحة . وتذكر أن الله لا يسمى ما كان من ابن آدم روحا ، وإنما يسمي الروح الملائكة والقرآن ونحو ذلك ، لأن الروح الذي في ابن آدم لا يستحق أظن - الثناء حتى يختم له بالسعادة وتسميته روحا فهو ثناء ، فإن لم يكن من أهل السعادة سمي نفسا ، قال الله تعالى : { الله يتوفى الأنفس حين موتها } ( سورة الزمر : 42 ) فهذا يجمع أنفس المؤمنين والكافرين ، ' والتي لم تمت في منامها ' . أيضا يجمع الطائفتين . وقال في الكفار : { أخرجوا أنفسكم } ( سورة الأنعام : 93 ) ، ومن العجب أنه لم يقل في الشهداء أرواحا ، قال : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون } ( سورة آل عمران : 169 ) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما نسمة المؤمن ولم يقل روحه ؛ فلعل هذا الفصل بين أرواح الملائكة صلى الله عليهم وبين هذه الأرواح الأرضية ، أو لما الله به أعلم أن الروح تحفظ كل ما فعل ابن آدم ، وإنما النسيان آفات من آفات النفس أو الجسد ، فإذا كشفت الآفات ذكر الروح كل ما شاهد في الدنيا ، ذكره في الآخرة ألا تراه في الدنيا ينسى ، ثم يذكر ، وهذا دليل بين .
فصل
وأما الروح المرسل إلى مريم ، و { يوم يقوم الروح } ( سورة النبأ : 28 ) هذا جبريل . وقوله : { وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا } ( سورة الشورى : 52 ) هذا هو العلم ، { وروح منه } ( سورة النساء : 171 ) هو الروح المنفوخ في عيسى ، كالذي نفخ في آدم ، وهو قدس لم تتناتجه الأصلاب . كل هذا أصله من الروح الأعلى ، إن ألقي في القلوب فهو علم ، وإن كان نسيما فهو روح ، وإن كان شديد
صفحہ 404