کتاب الرد والاحتجاج علی الحسن بن محمد بن الحنفیہ
كتاب الرد والاحتجاج على الحسن بن محمد بن الحنفية
اصناف
وكذلك كان فعله سبحانه في إنطاقهم؛ خلق لهم الألسنة واللهوات، وما يكون به الكلام من الآلات؛ ثم أمرهم أن يذكروه ويسبحوه، فقال سبحانه، وتعالى عن كل شأن شأنه: {فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضآلين} [البقرة: 198].وقال: {فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون}[البقرة: 152]. ونهاهم أن يقولوا عليه غير الحق فقال: {ولا تقولوا على الله إلا الحق} [النساء: 171]، فجعل(1) لهم سبب القول فيه، ونسبه إليهم ولم ينسبه إليه، وجعله جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله عن افترائهم عليه(2).ولو كان الكلام من فعله، وكان الناطق به على ألسنتهم، لكان هو القائل في نفسه ما أنكره عليهم، من ذلك قول فرعون: {أنا ربكم الأعلى} [النازعات: 24]، وقول الكافرين لكتاب رب العالمين: {أساطير الأولين} [المؤمنون: 83]، و{هذا إفك قديم} [الأحقاف: 11]، ومن ذلك ما قالوا للأنبياء المطهرين، صلوات الله وبركاته عليهم أجمعين، وما رموهم به من السحر والجنون، قال الله تعالى: {كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون} [الذاريات: 52]. أفترى الجاهل المفتري، الظالم لنفسه الغوي، يقول: إن الله سبحانه كذب أنبياءه ورماهم؛ بما قال الكافرون من السحر والجنون فيهم، وحمل(3) الكافرين على أن يسيئوا بهم الظنون، وينسبوا إليهم الكذب والسحر والجنون؟ بل كيف ينطقهم بالتكذيب لهم والافتراء عليهم، وهو يأمرهم بالطاعة لهم، ويعطيهم الجنان على الإيمان بهم؟ فقال سبحانه: {سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم} [الحديد: 21]. وقال: {والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم} [الحديد: 19]، كذب القائلون على الله بذلك، ووقعوا عنده في المهالك، فسبحان الرؤوف الرحيم، العدل الجواد الكريم.
***
صفحہ 309