ثم أتبع ذلك الحسن بن محمد المسألة؛ فقال: أخبرونا عن الناس، من أنطقهم؟ والكلام من خلقه؟ فإن قالوا: الله؛ فقد انتقض قولهم، وذلك لأن الكلام يكون فيه الصدق والكذب، والتوحيد والإشراك، وأعظم الكذب الشرك بالله، والتكذيب والإفتراء عليه، وإن أنكروا أن يكون الله خلق المنطق والكلام؛ فذلك الكفر والشرك بالله، والتكذيب بما جاء من عنده؛ فقل: خبرونا عن قول الله إذ قال في كتابه: {وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون} [فصلت: 21].
تمت مسألته.
جوابها
وأما ما سأل عنه مما ضل فيه، ونسبه إلى الله وقال به من المنكر عليه؛ فقال: خبرونا عن الناس من أنطقهم؟ وعن الكلام من خلقه؟ فنقول: إن الله أنطقهم كما هداهم، وهداهم كما بصرهم، وبصرهم كما أسمعهم، وأسمعهم كما أمشاهم، وأمشاهم كما أبطشهم، وأبطشهم كما أقامهم، وأقامهم كما أقعدهم، وأقعدهم كما أشمهم، وأشمهم كما أنكحهم؛ فلم يكن منه في ذلك كله فعل غير خلق الأداة(1)، خلق الرجل للمشي فمشى، وخلق الأذن للسمع فسمع، وخلق الأنف للشم فشم، وخلق العين للنظر فنظر، وخلق الفرج للنكاح فنكح. فما ناله الإنسان من تلك الأداه(2) فهو من فعله، وليس من فعل الله فعل عبده. الله خلق الفرج امتنانا عليه به لينال به من الشهوة ما نال، وفعل العبد فهو النكاح.
فهل ترى الحسن بن محمد الوسن الجاهل يقول غير ذلك، أو يقدر على نقض حرف مما شرحنا(3)، أو به قلنا أو احتججنا؟، والحمدلله الواحد الأعلى.
صفحہ 307