وإذا اجتمع بإخوانه فلا يرى نفسه عليهم بعبادة ولا حال، بل يرى نفسه دونهم، وليدع لهم، وليدع للناقصين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم: اللهم تجاوز عن أمة محمد، اللهم ارحم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ويكون سليم القلب رحيما بهم، مكرما لكبيرهم، رحيما بصغيرهم؛ فيرى كبيرهم كالوالد، ومتوسطهم كالأخ، وصغيرهم كالولد، وأبناءهم كالمحارم، ويرى العجوز كأمه، والشابة كأخته، والطفلة كولده، فبذلك يسلم القلب، ويكمل الحال، ويتم الدين إن شاء الله.
وليحفظ نفسه من الحدة في قول أو حركة أو فعل، ويستعمل الرفق والسكينة والأناة في مشيه وكلامه حتى يعتاد ذلك، فيتم بذلك عقله ويهدأ قلبه وتسكن نفسه وتطيب أخلاقه، ولا يتعود العجلة في الكلام والمشي والحركات إلا عند الضرورة، والسكينة في الحركات والأقوال والأفعال، سيما الأولياء؛ أهل المعرفة والحياء والأنس والقرب من الله تعالى .
وليقدم على جميع ذلك نية، فتكون نيته باستعمال هذه الأخلاق ومجانبة تلك الأخلاق المشروحة ؛ أولا : الحياء من الله تعالى، ومن نظره إليه، وقربه منه، ومعيته معه، وإطلاعه عليه وعلمه به وبما يجول في قلبه ، ثم ينوي بهذه الأخلاق امتثال أمر الله تعالى، واجتناب نهيه، وطاعته على الشعور بعلمه به، وقربه منه؛ فيستحى منه، ويهابه ويعظمه، ويعظم نظره، ويطيع أمره، ويعلم أنه سبحانه قريب من المطيعين، معرض عن المخالفين والعاصين، خصوصا في الأعمال والأخلاق.
صفحہ 99