ويقصر أمله، فإذا أصبح فلا يحدث نفسه بالمساء، وإذا أمسى فلا يحدث نفسه بالصباح، ويستعمل رقة القلب واليقظة والخوف من المكر، ودوام الاستعانة بالله تعالى، ولا يفرح بموجود من الدنيا .
و لا يأسى على ما فاته منها، قال الله تعالى : (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) .
ويجد الأنس بالله تعالى في الخلوات، والوحشة من الخلق أهل الغفلة في الخلوات، ويترك المماراة والمجادلة، ويشتغل بالمهم وتعظيم حرمة المؤمنين، ويقوم بحقوقهم وبما أوجب الله عليه لهم، خصوصا من ابتلي به من الأهل والأقارب والزوجات، فيحسن معاشرتهم ويكارمهم، ويلطف بهم ويستجلب ودهم بطيب الكلام ولين الجانب، والتغافل عن زللهم، ومع ذلك فيأمرهم بالطهارة عند الحيض، ولا يسامحهم في تضييع حق من حقوق الله تعالى، فإنهم رعيته وكل راع مسؤول عن رعيته، ولا يجفو عليهم بسوء خلق، ولا يتغافل عن حق لهم أوجبه الله تعالى؛ مثل نفقتهم الواجبة وكسوتهم، وإن عجز استحلهم وا سترضاهم.
ومن الإحسان استعمال النظافة للزوجة ؛ مثل الحمام والطيب رأزالة الوسخ، فإن لهم حقا كما أن له عليهم حقا، وإذا وقعت منه بادرة في حقهم؛ مثل غضب مفرط أو عقوبة مفرطة بغير حق، فليبادر بتداركها ويستحلهم في ذلك، وينبغي أن يسوي بينهم أيضا في ذلك، فإن بعض الطباع يكون من شيمتها المهانة والملامة، فإذا أكرم فسد حاله، وإذا أهين انصلح، فليراع جميع ذلك فإنه من العدل والإحسان.
صفحہ 98