وقد نص أصحابنا على منع الأخذ من الطيب المهدَى للكعبة، وأن من أراد التبرك جاء بطيب من عنده ثم مسحها به ثم أخذه للتبرك، انتهى.
وينبغي -إن أمن الابتذال على الأنقاض- تأخير الدفن عن تمام العمل، فإن الحاجة تدعو لزيادة الحجر عوضًا عن المنكسر، وعادة البناء نقض الأحجار عند السقوط نحو الثلث. والأزرقي نقل أن الحَجَّاج كبس أرض الكعبة حتى علت بالأحجار الباقية عن حاجته مما كان في بناء ابن الزبير، فينبش ذلك الكبس وتؤخذ الأحجار منه ويبدل بدفن تلك الأنقاض، والله أعلم (١).
[حكم إعادة الحِجر إلى البيت المعظم]:
ولا يجوز أن يغير البيت عن بنائه الموجود الآن، -وهو بنية الحجاج- بزيادة شيء في طوله أو عرضه ولو يسيرًا، أو نقص شيء منه.
قال الإِمام النووي في "شرح مسلم": قال العلماء: ولا يغيّرُ هذا البناء (٢).
قال بعض المتأخرين: هذا منه صريح في منع الزيادة في السمك والطول والعرض.
ونقل ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى: إن مقتضى كلام أئمة المذاهب الأربعة ما عدا أحمد: منع إعادة الحِجر إلى البيت، ووجوب إبقائه على ما هو عليه من غير زيادة ولا نقص، وذلك لأنه لا بد من اليقين فيما يستقبل، وكون أذرع من الحجر من البيت لم يرد ما يفيد اليقين به من نص قرآن أو خبر تواتر، إنما جاء من طريق الآحاد المفيدة للظن.
قلت: وكونه من أحاديث الصحيح المفيد ما فيها للعلم النظري وإن
_________
(١) "تاريخ الكعبة": ٦٩، ٧٠.
(٢) شرح مسلم: ٣/ ٤٥٥، باب نقض الكعبة وبناءها.
1 / 78