وما نحن فيه لا يترتب على إبقاء الجدار اليماني عند فقد اتفاق المعلمين المتقين الثقات المتقنين على أيلولته للسقوط عن قرب شيء من الترقيع، ولا إخلال بتعظيم البناء، فيجب الكف عن هدمه وترك التعرض له عند فقد اتفاق من ذكر على أيلولته له عن قرب، فتأمل الفرق فهو واضح جلي.
فلا يؤخذ من هدم ابن الزبير جميع بناء البيت جواز هدم الجدار اليماني لدفع الترقيع بين البناء الجديد والعتيق، ولطلب تلاحم البناء، فذلك عَرَضٌ يسير لا يُرتكبُ لأجله هدمُ شيء من بيت الله تعالى لم تدع إليه ضرورة ولا حاجة، وليس ذلك أمرًا مستحسنًا.
[كون ما عمله ابن الزبير أصوليًّا (مذهب صحابي) وبيان الخلاف في حجيته]:
على أن ما رأى ابن الزبير من هدم الجميع مذهب صحابي خالفه فيه غيره، وفي حجية مثل ذلك خلاف للأصوليين (١).
[ما ينبغي فعله قبل الشروع في هدم ما تخرَّب من الجدران الشريفة]:
وينبغي قبل الشروع في هدم المتخرب من جدار الكعبة أن يذرع الكعبة الشريفة من جميع جوانبها بحضرة سلطان البلاد مولانا السيد الشريف (٢)
_________
(١) الخلاف في مذهب الصحابي وهل هو حجة أم لا؟ قال الإمام السبكي في "جمع الجوامع" ٢/ ٣٥٤: قول الصحابي على صحابي غير حجة وفاقًا، وكذا على غيره. قال الشيخ الإمام: إلَّا في التعبدي، وفي تقليده قولان لارتفاع الثقة بمذهبه إذ لم يدون، قيل: حجة فوق القياس، انتهى. وحاصل الخلاف في حجيته: أن الشافعي وأصحابه وجمهور الأصوليين على أنه ليس بحجة، سواء وافق القياس أم خالفه، انتشر أم لم ينتشر، وبناء عليه فالجديد عند الشافعي أن المجتهد لا يجوز له تقليده، "الوجيز في أصول التشريع" د. محمَّد حسن هيتو: ٤٨٥ - ٤٨٦.
(٢) هو الشريف عبد الله بن حسن بن أبي نمي الحسني، تولى إمارة البلد الحرام عقب وفاة =
1 / 73