فصل في المتواترات
المتواترات هي الأمور المصدق بها من قيل تواتر الأخبار التي يصح في مثلها المواطأة على الكذب لغرض من الأغراض كضرورة تصديقنا بوجود الأمصار والبلدان الموجودة وإن لم نشاهدها. فصل في المقبولات المقبولات آراء أوقع التصديق بها قول من يوثق بصدقه فيما يقول إما لأمر سماوي يختص به أو لرأي وفكر قوي تميز به مثل اعتقادنا أمورا قبلناها عن أئمة الشرائع عليهم السلام " قبل أن يتحققها بالبرهان أو شبهه ". فصل في الوهميات الوهميات هي آراء أوجب اعتقادها قوة الوهم التابعة للحس مصروفة إلى حكم المحسوسات لأن قوة الوهم لا يتصور فيه خلافها: ومثال ذلك اعتقاد الكل من الدهماء " ما لم يصرفوا عنه قسرا " إن الكل ينتهي إلى خلاء أو أن يكون الملاء غير متناه ومثل تصديق الأوهام الفطرية كلها بأن كل موجود فيجب أن يكون متحيزا في جهة - وهذان المثالان من الوهميات الكاذبة وقد يكون منها صادقة يتبعها العقل مثل أنه كما لا يمكن أن يتوهم جسمان في مكان واحد فكذلك لا يوجد ولا يعقل جسم واحد في وقت واحد في مكانين والوهميات قوية جدا عند الذهن والباطل منها إنما يبطل بالعقل ومع بطلانه لا يزول عن الوهم - ولذلك لا تتميز في بادئ الأمر عن الأوليات العقلية ومشابهاتها لأنا إذا رجعنا إلى شهادة الفطرة رأينا الفطرة تشهد بها شهادتها بالعقليات ومعنى الفطرة أن يتوهم الانسان نفسه حصل في الدنيا دفعة وهو بالغ عاقل لكنه لم يسمع رأيا ولم يعتقد مذهبا ولم يعاشر أمة ولم يعرف سياسة لكنه شاهد المحسوسات وأخذ منها الخيالات ثم يعرض على ذهنه شيئا ويتشكك فيه فإن أمكنه الشك فالفطرة لا تشهد به وإن لم يمكنه الشك فهو ما توجبه الفطرة وليس كل ما توجبه فطرة الإنسان بصادق بل كثير منها كاذب إنما الصادق فطرة القوة التي تسمى عقلا وأما فطرة الذهن بالجملة فربما كان كاذبا وإنما يكون هذا الكذب في الأمور التي ليست بمحسوسة بالذات إما هي مثل مبادئ المحسوسات كالهيولى والصورة بل العكس والباري تعالى أو هي أعم من المحسوسات كالوحدة والكثرة والتناهي واللاتناهي والعلة والمعلول وما أشبه ذلك فإن العقل لما كان يبتدئ من مقدمات
صفحہ 53