فصل في التصور والتصديق
كل علم فإنه إما تصور لمعنى ما أو تصديق وربما كان تصور بلا تصديق مثل من يتصور القائل إن الخلاء موجود ولا يصدق به ومثل ما يتصور معنى الانسان وليس له فيه ولا في شيء من المفردات تصديق ولا تكذيب وكل تصديق وتصور فإما مكتسب يبحث ما - وإما واقع ابتداء والذي يكتسب به التصديق هو القياس وما يشبهه من الأمور التي ذكرناها والذي يكتسب به التصور فهو الحد وما يشبهه من الأمور التي سنذكرها وللقياس أجزاء مصدق بها ومتصورة وللحد أجزاء متصورة وليس يذهب ذلك إلى غير نهاية حتى تكون تلك النهاية ولكن الأمور تنتهي إلى مصدقات بها ومتصورات بلا واسطة ولنعد المصدق بها بلا واسطة. فصل في المحسوسات المحسوسات هي أمور أوقع التصديق بها الحس كقولك الثلج أبيض وكقولك إن الشمس نيرة. فصل في المجربات المجربات هي أمور أوقع التصديق بها الحس بشركة من القياس وذلك أنه إذا تكرر في إحساسنا وجود شيء لشيء مثل الاسهال للسقمونيا والحركات المرصودة للسماويات تكرر ذلك منا في الذكر وإذا تكرر منا ذلك في الذكر حدثت لنا منه تجربة بسبب قياس اقترن بالذكر وهو أنه لو كان هذا الأمر كالاسهال مثلا عن السقمونيا اتفاقيا عرضيا لا عن مقتضى طبيعته لكان لا يكون في أكثر الأمر من غير اختلاف حتى أنه إذا لم يوجد ذلك استندرت النفس الواقعة فطلبت سببا لما عرض من أنه لم يوجد وإذا اجتمع هذا الاحساس وهذا الذكر مع هذا القياس أذعنت النفس بسبب ذلك التصديق بأن السقمونيا من شأنها إذا شربت أن تسهل صاحبها.
صفحہ 52