وكان يقال: من رق وجهه عن السؤال دق علمه، ومن أحسن السؤال علم. وقال الشاعر:
إذا كنت في بلدة جاهلًا، ... وللعلم ملتمسًا، فاسأل
فإن السؤال شفاء العمى، ... كما قيل في الزمن الأول
وروينا عن يونس عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال: لا يتعلم من استحيا وتكبر. وقال رجل من بني العباس للمأمون: أيحسن بمثلي العلم اليوم؟ فقال: نعم والله لأن تموت طالبًا للعلم أزين بك من أن تموت قانعًا بالجهل. فقال: إلى متى يحسن بي، وقد جاوزت الستين! قال: ما حسنت بك الحياة. وقال الخليل: ذاكر بعلمك فتذكر ما عندك وتستفيد ما ليس عندك. وقال الخليل أيضًا: كنت إذا لقيت عالمًا أخذت منه وأعطيته. وأخبرني أحمد بن عبيد قال: أخبرني ابن الأعرابي قال: أخبرنا أزهر السمان قال: قال الزهري: الأخبار ذكران لا يحبها إلا ذكران الرجال، ولا يكرهها إلا مؤنثوهم. وقال الطرماح:
ولا أدع السؤال، إذا تعيت ... عليّ، من الأمور، المشكلات
وينفعني، إذا استفتيت علمي، وأقوى الشك عندي البينات
فهذه جملة تحث الأدباء على الطلب، وصدر يقنع به العقلاء من حدود الأدب. ومنه أيضًا ترك ممازحة الإخوان، إذ كان مما يوغر صدور الخلان، وقد اختصرت لك من ذلك جملة مقنعة، وألفاظها ممتعة، فيها لك كفاية، ولذوي الألباب نهاية، إن شاء الله تعالى.
1 / 12