مختصر عجائب الدنیا
مختصر عجائب الدنيا
وكان عمر إبراهيم عليه السلام في ذلك الوقت سبعا وثلاثين سنة فتزوج بسارة بوحي أتاه وتبعه ثلاث نفر ممن آمن به. وأرسل الله تعالى له جبريل عليه السلام ، فعلمه صحف آدم ، وشيث وإدريس عليهم السلام ، وأنزل الله تعالى عليه عشر صحف بالعبرانية ، وكانت لغته (1) السريانية ، وكان في الصحف تسبيح وأمثال ، فسكن في الحرم ، وأنبع له زمزم ، ونبأه الله تعالى وأرسله للعماليق وجرهم ، وقبائل اليمن ينهاهم عن عبادة الأوثان ، فآمنت به طائفة منهم وغلب على الحرم ، وتزوج من جرهم ، وولد له اثنا عشر ذكرا. ومات وهو ابن مائة سنة وسبع ، وقيل : خمس وسبعين سنة ، وأوصى إلى ابنه إسماعيل ، فدبر أمر البيت بعده.
ومن ولده محمد صلى الله عليه وسلم والعرب العدنانية (2) كلها من ولد إبراهيم عليه السلام .
* حديث البلبلة
قال صاحب التاريخ : كان الناس بعد الطوفان مجتمعين في مكان واحد من أرض بابل ، لغتهم السريانية ، وذلك في زمن فالغ ، وإليه كانت الوصية ، فأجمعوا أمرهم ورأيهم على أن يبنوا صرحا يكون حصنا لهم من الآفات ، فنهاهم فالغ ، فلم يطيعوا ، وجمعوا من الحجارة والرصاص واللبان والشمع والكلس الشيء الكثير ، وكانت بيوتهم إحدى وسبعين بيتا فأسسوا صرحا بهذه الأخلاط ونزلوا فيه سفلا عميقا وشيدوه تشييدا وثيقا وعلوه علوا رفيعا وزادوا ، وفرغ واطمأنت نفوسهم به على أنه حصين / لهم ولعقبهم بعدهم إلى آخر الزمان ، فثابوا مطمئنين على أنه لا يبلى مدى الأيام ، فأرسل الله تعالى في جوف تلك الليلة صيحة عظيمة هدمته في طرفة عين ، وغشيهم ريح وظلمة شديدة حتى أن بعضهم لا يرى بعضا.
فأقاموا كذلك ثلاثا ثم لاح لهم نور فبان لهم اثنا وسبعون طريقا وأصبح كل يتكلمون بلسان غير لسان الآخرين ، فكان كل لسان تملك طريقا ، والريح تدفعهم ، فسلك قحطان ، وعاد ، وثمود ، وعملاق ، وطسم ، وجديس طريقا ، وألهمهم الله تعالى هذا اللسان العربي وساقتهم الريح إلى اليمن ، وجازت عاد إلى الأحقاف ، ونزل ثمود بن غابر في ولده ناحية الحجر ، وقصد جديس أخو ثمود اليمامة ، ثم شخص طسم بن لاود ابن أرم بن سام فاتبعهم ، ثم شخص عمليق بأرض الحرم ، وعبد طخم بن أرم الطائف.
وسار جرهم بن قحطان بولده ، فنزلوا مكة فهؤلاء نسلهم ، وهم العرب العرباء ، والعاربة ، وبنو إسماعيل يقال لهم : العرب المستعربة لأنهم تعلموا منهم ، فتكلموا بلغتهم.
صفحہ 53