* بسم الله الرحمن الرحيم
* مقدمة المحقق
الحمد لله ... ثم الحمد لله ... ثم الحمد لله ( عالم الغيب والشهادة ) [التوبة : 94] خلق ما تعلمون وما لا تعلمون ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) [البقرة : 255] ، ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ) [المدثر : 31] ، سبحانه أراد أن يعلمنا أن ( وفوق كل ذي علم عليم ) (76) [يوسف : 76] سبحانه لا يعلم قدره غيره ، وأخشانا له أعلمنا به وأتقانا ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) [فاطر : 28] حيث علموا بما أعلمهم ما لم نعلم فخشوه بما علموا من بعض عظيم قدرته وقدره ، ومع هذا قال : ( وما قدروا الله حق قدره ) [الزمر : 67 ، الأنعام : 91 ، الحج : 74].
وأشهد أن لا إله إلا الله سبحانه وتعالى لا شريك له ، علم ما كان وما قبل ما كان ، وما وراء الأكوان جل شأنه مكون الأكوان بما لا تدركه الأذهان. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم القائل : «لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا وضحتكم قليلا». فقام إعظاما لما علم من قدر ربه عز وجل حتى تورمت قدماه ، وقال : أفلا أكون عبدا شكورا ، فعبد على قدر طاقته واستطاعته ليوفي شيئا من قدره فقضى نهاره صائما ووصله بالليل قائما.
وقالت ملائكة الرحمن : «سبحانك ما عبدناك حق عبادتك» بعد أن قضوا أعمارهم في طاعته دون أدنى معصية ( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون (6)) [التحريم : 6] ، فإنه من البديهي أن تظهر عظمة المخلوق بعضا من عظيم قدرة الخالق ، ففي ملموساتنا ومحسوساتنا مثلا ، انظر إلى الدنيا واتساعها تشعر بأنه الواسع ، وبقدر رهبة النهار يتجلى لك أنه المبين ، وبقدر هبة الليل وظلمته وإخفاءه تشعر بأنه الباطن ، وكيف يلبس الليل بالنهار والنهار بالليل ، ولو تدبرنا أمرا واحدا مما علمناه أو بالأحرى عرفنا شيئا عنه لفني عمرنا وحارت عقولنا وما علمنا عنه غير أقل من القليل وعرفنا شيئا من عظيم قدرته وجليل علمه سبحانه وتعالى العليم الحكيم لا يعلم قدره غيره.
** أما بعد :
فعن هذا الكتاب ، فقد خاض بنا مؤلفه رحمنا الله وإياه عباب بحور الدنيا ومحيطاتها ، وهام بنا في براريها ، وصعد بنا جبالها ومشى بنا في سهولها ، وولج بنا
صفحہ 5
غاباتها ، وطوف بنا في أقطار الأرض شرقها وغربها ، جنوبها وشمالها ، صعد بنا في سمواتها وتجول بين كواكبها ، ثم عاد بنا إلى أرضها وبشرها. وذكر لنا طرفا من غرائب طبائع أهلها وعجائب ما عملوا ومبهر ما صنعوا ، واختلاف أخلاقهم شرها وخيرها ، وأنبيائهم وفجارهم ، وملوكهم وصعاليكهم ، وسادتهم وعبيدهم ، فكان يفيد أحيانا كثيرة ويجانبه الصواب أحيانا أخرى.
ووعظ فأثر ، ونصح فأرشد ، وحذر فأرهب.
وتكلم عن البحار وعجائبها ، والمياه وغرائبها ، والآبار وخصائصها ، والأشجار وصفات ثمارها ، والوحوش وأطباعها ، والبشر وأخلاقهم حميدها وذميمها.
وتكلم عما منح الله لهم من العلوم العجيبة والغريبة غير العلوم المعلومة أو المعروفة الملموسة والمحسوسة والمشاهدة.
فتكلم عمن تعلم علوم السحر ، وأحكم علوم الطلاسم ، ومن أبدع في الكيمياء ، ومن برع في الطب ، ومن تمكن في الهندسة المعمارية ، أو الميكانيكية وما كان يسمى بعلم الاحتيال. وتكلم عن مكر الماكرين وخداعهم وتغريرهم بضحاياهم ، وكيف أن حيلهم قد انطلت على هؤلاء الضحايا وليسوا من عوام الناس ولا من بسطائهم بل هم ملوك في بلادهم أو قادة لجيوش جرارة فوقعوا بسهولة في شراك مكرهم.
وتكلم عن عجائب التماثيل أو الأصنام ، والتي منها عجل السامري ، وكيف أمكن لمن سبق أن يصنع ويحكم مثل تلك التماثيل العجيبة المحيرة مثل التماثيل التي تتحرك بحركة الشمس ، والأخرى التي تتحول من جهة إلى أخرى بتحول فصول السنة الأربعة ، وتلك التي تميز بين الصادق والكاذب ، وما يقوم منها بعمل الحراسة الدقيقة كغلق الأبواب وفتحها ، أو تثبيت الغريب حتى لا يدخل بغير إذن أصحاب الحصون أو حراسها ، أو مثل الموائد التي لا يشبع الجالس إليها من الأكل وإن واصل الأكل ليل نهار ، أو ما ألفوه من الأدوية النافعة من أول مرة أو الضارة القاتلة الفتاكة.
وما عرفوا من خصائص الطير ، والحيوانات ، والسباع ، والأسماك ، وغرائب الأشجار والنباتات ، وعجائب المخلوقات التي لم نقف عليها أو لم نر لها مثيلا في حياتنا من طير وحيوان ونبات حتى أن كلامه أحيانا يكون حقيقيا ولا يكاد يصدقه العقل وهو فيه صادق كل الصدق وما ذلك إلا لشدة غرابته ، والقاعدة تقول : المرء عدو ما جهل.
ثم يأخذ في آخر الكتاب في غرائب الإنسان من حيث الأخلاق والطباع والعادات والتقاليد ، فذكر بعبر ، ونصح بنصائح وذكر في ذلك أشعارا كثيرة غير أنه عند كلامه عن العشق والعاشقين وغرائب ما صنعوا أو قالوا ، فبلا تردد أقول : إنه قد أسرف في سرد
صفحہ 6
كثير من الأشعار الماجنة غير أني حذفت كثيرا منها خصوصا ما كان مجونه وخلاعته لا يصلح لمسلم أن يتحدث به بين الناس أو أن يقرأه والد أمام ولده أو ولد على مسمع من والده. وتكلم عن البلدان وعادات أهلها وطبائعهم وطول ليلهم ونهارهم ، وفصول السنة وأسماء الشهور القبطية وأحوال الفصول.
وتكلم عن الوفاء والأوفياء ، والكرم والكرماء ، والبخل والبخلاء.
ثم ختم الكتاب بشعر له طيب رقيق أسأل الله أن يتقبله منه وأن يجعله في صحيفة حسناته يوم القيامة ، وأن يختم لنا بالإيمان الكامل. وقبل أن أختم أنا التعريف بهذا الكتاب أذكرك أخي القارىء ، بهذا الشعر عساه ينفعني وإياك وقد سمعته من أخ فاضل ورجل أزهري جليل هو الأستاذ الشيخ شحات محمود الصاوي وقد حدثني به في زيارة له مني وفي أثناء تناولنا لخير الكلام وهو الدعوة إلى الله تعالى أن يصلح أمور دنيانا وحالها وما وصل إليه حال القائمين بها وأمراضهم وعلاجهم ، فقال رحمه الله شعرا أخبر أنه سمعه أثناء تواجده باليمن للتدريس :
إذا كثر الكلام فأسكتوني
فإن الدين يهدمه الكلام
أما وقد وهن العظم منا واشتعل الرأس شيبا ، فالله أسأل لي وله ولوالدي ووالديه ولزوجتي ولسائر المسلمين حسن الختام بالموت على دين الإسلام وأن يأخذ بأيدي القائمين على الدعوة إلى طريقه المستقيم ، وأن يفتح لهم آذان وقلوب سامعيهم ، وأن يوقر الإيمان في جذور قلوب الدعاة والمدعوين برحمته وكرمه ، وأن يفك أسر جميع المأسورين ، وأن يحرر بكرمه المسجد الأقصى من أيدي الكافرين والمارقين برحمته وكرمه ، وأصلي وأسلم على سيد المرسلين ، وآمين آمين آمين ، وآخر دعوانا :
* (أن الحمد لله رب العالمين)
سنة 1421 هجرية الموافق 13 / 10 / 2000 ميلادية|
صفحہ 7
* رأيي في الكتاب
* وما استخلصته من قراءته
أما عن رأيي في الكتاب فقد أجملته فيما تقدم من الكلام في خطبة الكتاب.
وأما ما استخلصته منه بعد قراءتي له فهو : أن العلماء القدامى أو من كانوا يسمون بالكهان فقد كانوا من الخبث والنذالة وخسة الطبع بمكان ويظهر ذلك جليا في احتكارهم لما حازوا من علوم وحرصهم الشديد على أن لا يطلع على علومهم إنسان إلا عددا محدودا وفي حدود الاضطرار مؤكدين عليهم على عدم اطلاع غيرهم على تلك المعارف للاستئثار عند الملوك والحكام لتظل حاجتهم إليهم هامة وملحة.
وقد كانوا بحق على علم وفير وتمكن تام من العلوم التي اكتسبوها فقد تمكنوا من عدة علوم خصوصا منها علوم الكيمياء ، والطب ، والفلك ، وخصائص المعادن ، وفنون النحت إلى غير ذلك من العلوم الأخرى الكثيرة.
وقد فاقوا كل من جاء بعدهم حتى في عصرنا هذا الذي نرى أننا قد تقدمنا في العلوم جميعا تقدما مذهلا.
وبإحكام هؤلاء العلماء لتلك العلوم استطاعوا أن يوظفوها في عمل التماثيل الناطقة ، والمتحركة ، والحارسة أو المحافظة على الكنوز والحصون.
واستطاعوا المحافظة على جثث الموتى حتى وصلت إلى عصورنا هذه.
كما برعوا أيضا في عمل الأشياء التي تعمل ذاتيا ، أو بنظام التايمر أو التوقيت ، أو التيرموستات ، كاختراعهم للحمامات الذاتية أو التي تعمل أوتوماتيكيا فتفصل وتعمل من ذاتها ، والساعات أو التماثيل التي تصدر أصواتا كل ساعة من ساعات الليل والنهار يتميز بها الوقت ليلا ونهارا.
وتمكنوا كذلك من عمل القناديل التي تعمل بنفس النظام ، فتضيء إذا دخل الليل وتطفىء عندما يواجهها نور النهار ، وهو ما يشبه في عصرنا هذا باللمبات التي تعمل بالليزر أو الإشعاع أو الأشعة.
وتمكنوا من عمل المرايا التي ينظرون فيها فيعرفون الوقت كالساعة في عصرنا هذا.
وبإحكامهم لعلوم الفلك علموا حركة الكواكب ومداراتها ، ورصدوا سير الرياح
صفحہ 8
واستطاعوا أن يعرفوا مواقيت المطر والغيوم وبخر البحور والمحيطات ، وما يكون إذا كانت الشمس في مدار معين من مداراتها وما هو تأثير ذلك على النجوم والهواء والسحاب وكيف تكون حالة الجو في مثل تلك الأحوال. واستغلوا ذلك في أمور كثيرة ، كالاتصال والرؤيا مستغلين ذلك الفراغ الكوني الشاسع ، والذي بدأنا نحن في معرفته بعد استخدامهما في علوم الاتصال والرؤيا من خلال التلفاز (المرناة) والهاتف النقال (المسراة) وهو ما يسمى بالموبايل. وكذلك برعوا في علوم الجغرافيا ، فعلموا طبائع الأرض وخصائصها وخصائص الأحجار ، وجيولوجية كل أرض ، فاختاروا من أحجارها ما أقاموا به القصور التي واجهت العوامل الجوية فعاشت أبنيتهم الهندسية والمعمارية إلى أن وصلت إلى عصورنا وإلى متى ستصمد ، فالله وحده هو الذي يعلم. ووصلت إلينا جثث موتاهم التي حنطوها منذ آلاف السنين.
واستطاعوا أن يبنوا المنارات الشهيرة كمنارة الإسكندرية التي كانون يرون فيها ما يدور في أوربا وكأنهم يشاهدون مباراة بين فريقين نشاهدها نحن اليوم ظانين أننا قد سبقنا من سبقنا سبقا كبيرا وفي الحقيقة أننا قد تخلفنا عنهم كثيرا وكثيرا.
أمكنهم عمل المرايا التي ينظرون فيها فيرون أقطار ممالكهم فيعرفوا مناطق الجدب والإخصاب فيستطيعون أن يقدروا من خلالها مقدار ما عليها من خراجات وفروض.
وكذلك تمكنوا من معرفة نوع الجنين ما إذا كان ذكرا أو أنثى من خلال حبات القمح والتبول عليها ، وكذلك من خلال حشرة القمل ، وذلك بوضعها في لبن ثدي المرأة الحامل.
وخلاصة ما أريد أن أقوله هو : أننا في الواقع برغم هذا التقدم العلمي المبهر في مجلات العلوم إلا أننا من وجهة نظري نعتبر قد تخلفنا عن ركب ما يجب أن نكون عليه من العلم الآن بما لا يقل عن ألف سنة بل يزيد فكان يجب أن تكون تلك الاكتشافات قد مضى عليها هذا القدر من الزمان وكان يجب أن نكون قد تقدمنا كثيرا جدا عنهم.
ولئن سألتني عن السبب أجبتك : أن السبب في ذلك ليس إلا في خبث هؤلاء الكهنة الذين أبوا أن ينشروا علومهم حفاظا على مكانتهم لدى أصحاب السلطان ، وليظل الناس يرهبونهم ويقدسونهم.
فقد كان الناس يقدرونهم قدر الأنبياء عندنا ، والحكام يرهبونهم لما تمكنوا فيه من العلوم ، فالأنبياء يوحى إليهم وعلومهم روحية علمها لهم شديد القوى ، وليست علوم مكتسبة ، أما هؤلاء فعلومهم مكتسبة ولو علموها لمن بعدهم لصار حالنا غير ما هو عليه الآن من تقدم ورقي.
فعلينا أن نبذل جهدا جهيدا كي ندرك شيئا من مكنونات هذا الكون الغريب
صفحہ 9
العجيب الذي أتقن الله صنعه ووعدنا بأنه سيكشف لنا عن كثير من أسراره فقال : ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ) [فصلت : 53].
فما علينا إلا أن نمكن الإيمان في قلوبنا ، ونمسك بكتاب ربنا في يد ليضيء لنا صفحات الكون فنقلبها بيدنا الأخرى ليفتح الله لنا كنوز وأسرار المعرفة ( ولن يخلف الله وعده ) [الحج : 47] ، ( ومن أوفى بعهده من الله ) [التوبة : 111] ، ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) [العنكبوت : 69].
عفوا أخي القارىء على هذه الإطالة ، فقد اختصرت ما أريد أن أقول اختصارا.
صفحہ 10
* ترجمة المؤلف
لم يتيسر لي ترجمة المؤلف ترجمة ترضي طموحي أو توضح لي بعضا من جوانب حياته أو تبين موطنه بالتحديد وإن كان يبدو من أول وهلة أنه فارسي الأصل ، ولم يترجم له من ذكره وإنما ذكره لذكره لمؤلفاته ولم يذكروا له صفة سوى قول الأستاذ عمر رضا كحالة : مؤرخ.
وأما ما تيسر لي من ترجمته :
** فهو
** وفاته
** مؤلفاته
والله أعلم ، لعدم يقيني من ذلك. وأنقل ما ذكره له حاجي خليفة في «كشف الظنون» وعمر كحالة في «معجم المؤلفين».
1 جواهر البحور ووقائع الدهور في أخبار الديار المصرية. ويقال له أيضا : جواهر البحور وعجائب الدهور.
2 أخبار مدينة السوس.
3 مختصر عجائب الدنيا. وهو كتابنا هذا وقد اختصره من كتاب المسعودي.
4 كتاب العجائب والغرائب. وربما كان هذا هو الذي قبله وربما كان هذا كتاب له هو قائم بذاته من تأليفه.
هذا ما يسر الله تعالى من ترجمته ومصادرها :
كشف الظنون لحاجي خليفة (1 / 30 ، 613 ، 1126 ، 1437).
معجم المصنفين للتونكي (4 / 463 ، 464).
معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة (1 / 125).
صفحہ 11
* منهج التحقيق
أما عن منهجي في تحقيق هذا الكتاب فإنه لم يكن على ما جرت عليه عادتي في تحقيق الكتب السابقة من ضبط المخطوط ، أو تخريج أحاديثه أو إرجاع نصوصه إلى مصادرها ، أو شرح بعض عباراته أو غرائب ألفاظه ، أو التعريف بالأماكن والبلدان ، أو الحكم على الأحاديث بالصحة أو الضعف أو ما إلى ذلك من أحوال الأحاديث ، أو مناقشة بعض فقرات الكتاب تأييدا أو تعقيبا بالضد من ذلك. وإنما اقتصرت في تحقيق هذا الكتاب على ضبط النص وتصويب بعض ما ورد فيه من أخطاء إملائية وقد كانت كثيرة ، واستدراك بعض ما سقط منه. وحذفت منه بعض الكلمات أو الأبيات أو القصائد والأشعار الماجنة لعدم لياقتها ، وأشرت إلى كل ذلك في حينه.
وقد كانت لي بعض التعليقات الطفيفة جدا ، وأود أن أنبه أو أشير إلى أن سكوتي على بعض ما ورد في الكتاب من الأمور التي لا توافق العقل أو الشرع لا يعد إقرارا أو اعترافا مني بصحة ذلك ، وإنما قد أسلفت في خطبة الكتاب أنني لا أعلق على ما يسوقه المؤلف من حكايات أو أخبار.
وقد قدمت للكتاب بمقدمة أو خطبة عرفت فيها بإجمالي ما أورده الكاتب في كتابه وختمتها بإرفاق صور المخطوط.
والله أسأل أن يرحم مؤلفه ومختصره وأن يرزقني وإياكم حسن الختام اللهم آمين.
آمين. آمين.
صفحہ 12
* وصف المخطوط
ذكر المخطوط في فهرس معهد المخطوطات العربية تحت رقم (37) جغرافيا ، باسم «عجائب الدنيا» لمؤلفه إبراهيم بن وصيف شاه.
وذكر ببطاقة التعريف بالمخطوط : باسم «مختصر عجائب الدنيا للمسعودي».
وبإعمال الفكر والتدبر البسيط يظهر أن كلاهما واحد وهو «مختصر عجائب الدنيا» تأليف المسعودي ، واختصار إبراهيم بن وصيف شاه.
وبيانات المخطوط كما يلي :
** اسم الكتاب
** اسم المؤلف
** تاريخ النسخ
** عدد الأوراق
** الفن
** مكان المخطوط الأصلي
** رقم المخطوط الأصلي
** مكان مصورة المخطوط
** رقم مصورة المخطوط
** رقم التصوير ورموزه
** عدد أسطر المخطوط
** عدد الكلمات
** نوع الخط
** ملاحظات أخرى
تملكات للكتاب كان آخرها سنة 1335 ، ورقم تصوير المخطوط ، وأربعة أختام للمكتبات التي اقتنته أو تنقل بينها ، والله أعلم.
بهامش المخطوط بعض التصويبات بخط الناسخ. أوراق المخطوط تامة. والحمد لله من قبل ومن بعد ونسأل الله تعالى حسن الختام.
صفحہ 13
* بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله بارىء المسموكات ورازق المخلوقات ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب الأرض والسموات ، وأشهد أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم عبده ورسوله خير خلقه وعلى آله وصحبه ما دامت الأرض والسموات.
وبعد ؛ فنبتدىء بذكر الله تعالى وحمده والثناء عليه والشكر له والصلاة والسلام على سائر أنبيائه وتخصيص محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه بأفضل صلواته وأكمل زكواته.
ثم نذكر ما وقع إلينا من أسرار الطبائع وأصناف الخلق مما يكون مشاكلا لقصدنا ، ونصل ذلك بذكر من ذكره من ملوك الأرض وما عملوه من غرائب الأعمال ، وشيدوه من عجائب البنيان ووضعوه ، ومن الآلات المستظرفة والطلسمات المستعملة وزينوا به هياكلهم وأودعوه نواويسهم (1) وزبروه (2) على أحجارهم على حسب ما نقل إلينا من ذلك كله وبالله العظيم نستعين وهو حسبنا ونعم الوكيل.
روي عن ابن الحكم رحمه الله قال : / خلقت الأرض في صفة طائر رأسه وصدوره وجناحه وذنبه.
فالرأس : مكة والمدينة واليمن.
والصدر : الشام ومصر.
والجناح الأيمن : الواق والوقواق ، والسند والهند والبند.
والجناح الأيسر : ما منك ويأجوج ومأجوج.
والذنب : من ذات الحمام إلى مغرب الشمس إلى البحر الأسود.
وقال : إن الله تعالى خلق مدينتين ، واحدة بالمشرق واسمها : جابلق ، والأخرى بالمغرب واسمها : جابرص ، طول كل مدينة اثنا عشر ألف فرسخ ، ولكل مدينة عشرة آلاف باب ، بين كل فرسخ باب ، يحرس كل باب في كل ليلة عشرة آلاف رجل ، ثم
صفحہ 19
يذهبون فلا تأتيهم النوبة إلى يوم القيامة ، وإنهم يعمرون سبعة آلاف سنة ما دونها ، ويأكلون ويشربون وينكحون ، وفيهم حكم كثيرة ، ولهم خلق عظيم تامة ، وأن هاتين المدينتين خارجتين عن هذا العالم ، لا يرون شمسا ولا قمرا ، ولا يعرفون إبليس اللعين ولا آدم عليه السلام ، يعبدون الله تعالى ويوحدونه ، ولهم نور من نور العرش يهتدون به من غير شمس ولا قمر. ويروى أن رسول الله قال : «مر بي جبريل عليهم ليلة أسري بي فدعوتهم إلى الله تعالى فأجابوا فمحسنهم مع محسنكم ، ومسيئهم مع مسيئكم» (1).
وروى وهب بن منبه رضياللهعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إن لله تعالى ثمانية عشر ألف عالم الدنيا منها عالم واحد ، وما العمران والخراب إلا كخردلة في كف أحدكم» (1).
وقال بعض أهل الأثر فيما رووه : إن لله عز وجل دابة في مرج من مروجه ، والمرج في غامض علمه ، رزقها في كل يوم مثل العالم بأسره ، جلت عظمته وقدرته لا إله إلا هو (1).
* ذكر بحر المحيط وما فيه من العجائب
يقال : إن فيه عرش إبليس يحمله نفر من الأبالسة والعفاريت العظام وتحيط به طائفة ممن هم في طاعته ، فمنهم من يحجبه فلا يفارقه ، ومنهم من يتصرف عن أمره ولا يزول / عن مرتبته ، إلا لمن يطمع في فتنته ، ومنهم من يسعى إلى غوغاء الناس فيضلونهم.
وللشياطين سجن في جزيرة منه يحبس فيها من خالفه من مردته.
وفي جزيرة من جزائر هذا البحر قصر عجيب فيه هيكل سليمان عليه السلام ، وفيه جسده ، وفيه في البحر أماكن لا تزال ترمي نارا على طول الزمان يرتفع مائة ذراع.
وفيه أسماك طول الحوت منها أيام ، وفيه صور عجيبة مختلفة الأشكال ، مشوهات الخلقة ، على كل لون من الألوان.
وفيه مدائن يطوفون على الماء ، وأهل هذه المدن غير الآدميين.
وفيه الثلاثة أصنام التي صنعها أبرهة ذو المنار قائمة على الماء ، أحدها : أصفر يومي بيده ، كأنه يخاطب من ركب البحر ويأمره بالرجوع من ذلك البحر.
والصنم الثاني : أخضر رافع يديه باسطهما كأنه يقول : إلى أين تذهبون؟
والصنم الثالث : أصفر مفلفل الشعر يومي بإصبعه إلى البحر [وكأنه يقول] : من جاز من هنا غرق. مكتوب على صدره بالمسند هذا ما صنع أبرهة ذو المنار الحميري.
صفحہ 20
وحكي أن في هذا البحر كالحصون ترفع على وجه الماء ، ويظهر منها صور كثيرة ، ثم تذهب في الماء.
واختلف في عمق هذا البحر فمنه ما لا يدرك ، ومنه ما يكون سبعة آلاف باع ، وفوقها ودونها ، ومنه ما يكون فيه شجر كالمرجان.
ويتصل بهذا البحر المحيط بحر يقال له البحر الأسود الزفتي شديد النتن فيه قلعة الفضة ، قيل أنها مصنوعة ، وقيل أنها خلقة.
ويخرج من هذا البحر إلى بحر الصين أوله من بلاد الغرب إلى بحر فارس إلى بلد الصين ، وهو بحر ضيق فيه مغائص اللؤلؤ.
وقيل إن فيه اثنا عشر ألف جزيرة ، وثمانمائة جزيرة.
وفيه الدردور ، وهو موضع يدور فيه الماء ، فإذا دخله مركب لم يزل يدور فيه حتى يتلف.
وفيه كسير ، وعوير ، وهما جبلان عظيمان.
وفي هذا البحر عجائب كثيرة ، وصور مختلفة ، / وحيتان ملونة منها ما يكون طوله مائة باع ومائتي باع ، وأكثر وأقل ، يأكل بعضها بعضا.
وفيه جزائر معدن الذهب ، وفيها معادن الجوهر.
وفيه ثلاثمائة جزيرة كلها عامرة مسكونة فيها ملوك عدة.
ويقال : إن في هذا البحر قصر من البلور على قائمه وهو يضيء على طول الدهر بقناديل فيه لا تنطفىء.
ويعد هذا البحر بحر لا يدرك عمقه ولا يضبط عرضه تقطعه المراكب بالرياح الطيبة في شهرين ، وليس في البحار الخارجة من البحر المحيط أكبر منه ولا أشد هولا.
وفي عرضه بلاد الواق والوقواق ، ومنابت القنا والخيزران. ومن العجائب أن طول السمكة فيه أربعمائة ذراع ، وفوق ذلك ودونه ، ويسمى هذا السمك : الوال. وفيه سمك صغير بقدر الذراع ، فإذا أرادت السمكة الطويلة أن تؤذي سمك البحر أو مراكبه سلط عليها سمكة صغيرة فتدخل في أذنها ولا تفارقها حتى تقتلها.
وفيه سمك وجهه كوجه الإنسان.
وفيه سمك يطير في الليل ويرعى الندى ويرجع إلى البحر قبل الشمس.
وفيه سمكة إذا كتبت بمرارتها قرىء في الليل.
وفيه سمكة خضراء دسمة من أكل منها اعتصم من أكل الطعام أياما كثيرة.
صفحہ 21
وفيه سمكة لها قرنان كقرن السرطان يرميان بالليل نارا.
وفيه سمكة مدورة يقال لها : المضح فوق ظهرها كالعمود محدد الرأس لا يقابلها سمك البحر لأنها تقاتلهن فتقتلهن ، وبرعا تقلب به المراكب ، وقرنها كالذهب أصفر مجنح.
وفيه سمكة يقال لها : هنس من صدرها إلى رأسها مثل الترس فيه عيون تنظر بها ، وباقيها طويل كالحية في طول عشرين ذراعا بأرجل كثيرة كالمنشار من صدرها إلى آخرها الذنب ولا يتصل بشيء إلا أتلفته ، ولا ينطوي ذنبها على أحد إلا أهلكته ، يقال إن لحمها شفاء للأوصاب ، وهو عزيز الوجود ، وفيه العنبر.
** وبحر آخر يقال له الهركند :
/ كثير الجزائر فيه سمك ربما نبت على ظهره الحشيش والصدف ، وربما اعتقده المسافرون جزيرة فيفرشون عليها ، فإذا قطنوا بها رحلوا ، وهذه السمكة إذا رفعت جناحها يصير كالشراع ، وإذا رفعت رأسها من الماء كالجبل العظيم إذا بخت الماء من فيها كالمنارة العظيمة ، وعند سكون البحر يجر إليه السمك بذنبه ويفتح فيه فيلقيه فينزل في جوفه وله هدير ، ويغيض كأنه بئر واسمها : العند ، طولها ثلاثمائة ذراع يخافها البحريون ، فإذا دخل الليل ضربوا بالنواقيس خوفا منها.
وفيه حيات عظام تصعد إلى البر فتبتلع الفيلة ، ثم تلتفت (1) على صخور هناك فتتكسر في جوفها ويسمع لذلك صوت مزعج.
وفيه حية تسمى الملكة تظهر مرة واحدة في كل حين ، وربما احتالوا في مسكها فيأخذها ملوك الزنج فيطبخونها ، ويذهبون بودكها ، ويستعملون الفرش من جلدها وهي منمرة ، ودكها يزيد في القوة والنشاط ، وجلد إذا جلس عليه صاحب السل برىء منه فلا يعود إليه أبدا.
وريح هذا البحر من قعره اضطرابه يلقي نارا لها ضوء شديد.
** وبحر آخر يقال له دابونجد :
بينه وبين بحر هركند على ما قيل ألف وتسعمائة جزيرة ويقع بين هذه الجزائر عنبر ، تكون القطعة منه كالبيت ونحوه ، ينبت في قعره ، فإذا اشتد هيجانه قذفه فيرتفع مثل الكمأة ، وله دسومة.
وقرأت في كتاب الطب الذي ألفه إبراهيم بن المهدي : أن أحمد بن حفص العطار
صفحہ 22
قال : كنت في مجلس أبي إسحاق وهو يصفي عنبرا قد أذابه ، وأخرج منه ما فيه من الحشيش ، فسألني ، فقلت له : إن الدواب ثروته يعني دواب البحر فتأكل الطير منه ، فضحك أبو إسحاق وقال : هذا كلام تقوله العامة ، ما خلق الله تعالى دابة تروث العنبر إنما شيء يكون في قاع البحر.
** وفي بحر سرانديب :
طرق / كثيرة بين جبال وهي مسالك لمن أراد بلاد الصين ، وفي جبال هذا البحر معادن الذهب ومغائص اللؤلؤ ، وأبقر وحشية ، ويسلك من هذا البحر إلى بلد المهراج وربما أطلت السحاب بهذا البحر شهرا لا ينقطع منه المطر ، ويخرج منه إلى بحر الصنف.
وفيه شجر العود ، وليس لهذا البحر حد يعرف ورأسه يخرج من قرب الظلمة الشمالية ويمر أيضا على بلد الواق.
وفيه ملك الجزائر ويدعى بالمهراج ، وله من الجزائر والأعمال ما لا تحصى عجائبه ، ولهذا الملك من جميع الآفاق الطيبة كالكافور ، والقرنفل ، والصندل ، والجوزة ، والبساسة ، والقاقل ، والعود ، على شيء كثير ليس لملك مثله من الطيب.
ويقال إن فيه قصرا أبيض يمشي على الماء ، ويتراءى لأصحاب المراكب فيتباشرون به ، وهو دليل السلامة والفائدة.
وفيه جزيرة فيها جبال مسكونة يسمع منها الطبول والفرقع والأصوات المنكرة لأهلها وجوه كالمجان المطرقة ، مخرمو الآذان ، يقال إن أعور الدجال فيها. وفيها يباع القرنفل ، يشتريه التجار من قوم لا يرونهم.
** وفيه المدينة البراقة :
مدينة عظيمة لطيفة من حجر أبيض براق يسمع منها صياح ولا يرى بها ساكن ، وربما نزل البحريون وأخذوا من مائها فيوجد حلوا زلالا أبيض فيه روائح الكافور.
وفيه جزيرة بها مساكن وقباب بيض تلوح للناس فيطمعون فيها فيأخذون في التوجه إليها ، وكلما قربوا منها تباعدت عنهم فيرجعون عنها.
ويتصل بهذا البحر الواق الداخل ، وقال البحريون أنهم لا يعرفون منتهاه غير أن أقصاه جبال تتوقد نارا ليلا ونهارا ويسمع منها مثل قواصف الرعود ومن شدة وهجها يصير لها ذلك الصوت.
وهذا البحر لا يدرك عمقه ، وربما يسمع لتلك النار صوتا يدل على ملك من ملوكهم . ومن وراء هذا البحر :
صفحہ 23
** بحر الصين :
بحر خبيث بارد يخرج ريحه من قعره ، وهو مسكون له أهل في بطن الماء / إذا هاج البحر رآهم الناس في الليل كهيئة الزنج ويصعدون إلى المراكب.
وذكر البحريون أنهم لا يعرفون بعد بحر الصين بحر يسلك ، وهو بحر عجيب يغلي مثل القماقم ، وفي بحر الصين سمكة يرميها الماء بالساحل فتضطرب نصف يوم ثم تنسلخ فيخرج لها (1) جناح فتطير.
وزعموا أن عرض بحر الصين الذي تمر عليه المراكب ألف وخمسمائة فرسخ ، وفي هذا سمك يقال له : اللحم يبتلع الناس ، وإن مات أحد المسافرين وألقوه في الماء يلتقمه.
ويرى في هذا البحر وجه عظيم مستدير يشبه القمر كأنه وجه إنسان يغطي (2) ما بين الجبلين.
** أبواب الصين :
جبال في البحر بين كل جبلين فرجة.
** وفي مدينة تقمولية :
القسطنطينية الأولى كنيسة في قعر البحر ينكشف عنها (3) الماء يوما في السنة فيحج لها أهل تلك النواحي ويقربون لها ، فإذا كان وقت العصر من ذلك اليوم أخذ البحر في الزيادة ويواريها الماء.
ويقال : إن بحر الهند فيه حيوان يشبه السرطان ، فإذا خرج إلى البر يصير حجرا يعملون منه كحلا لوجع العين.
** وفي بحر الأندلس :
المرجان خاصة ينبت في قعره مثل الشجر ، وقيل أن بحيرة تنين تغدوا وقت مجيء النيل يكون ستة أشهر حلوة ، ثم تملح.
** وبالمغرب :
عين لا يخرج ماؤها إلا في أوقات الصلوات ثم تغيض ، وتسمى : عين الأوقات.
صفحہ 24
** ولأهل الهند :
نهر فيه شجرة عظيمة قيل إنها من حديد ثابت في الماء ويعلو فوق الماء نحو من عشرة أذرع غلظه ذراع وكسر ، وفي رأسه ثلاث شعب غلاظ طوال مستوية محددة كالنار ، وعندها رجل جالس يقرأ كتابا ، يقول : اللهم يا عظيم البركة ، وسبيل الجنة ، أنت الذي خرجتني من عين الجنة ، ودللت الناس عليها ، فطوبى لمن صعد هذه (1) الشجرة وألقى نفسه عن العمود ، فمن سمعه بادر إلى الصعود إليها ، ويلقون أنفسهم على ذلك العمود فيتقطعون / ويغيبون في الماء ، فعند ذلك يدعون لهم أصحابهم بالطوبى والمصير إلى الجنة.
ولهم نهر فيه رجال بأيديهم سيوف ماضية ، إذا أراد العابد منهم أن يتطهر ويتقرب ، جاء في جماعة فيخلع ما عليه من اللباس كالحلي والأساور وأطواق الذهب ، وهذا لباس أبناء ملوكهم ، فإذا صار مجردا طرحوه على الألواح ، وأخذوا أطرافه وقطعوه نصفين ، ويلقون النصف في النهر ، والنصف الآخر في الكنك ، وفي زعمهم أن هذين البحرين يخرجان من الجنة ، وأن صاحبهم صار إليها.
** وفي جبال سرانديب وادي الماس :
بعيد القعر فيه حيات عظام ، فإذا أرادوا إخراج الماس منه طرحوا فيه لحما فتقع عليه النسور ، فترفعه إلى حافة الوادي خوفا من الحيات فيتعلق باللحم من الماس ما يكون قدر العدسة والحمصة ، وأكبر ما يكون بقدر نصف الفولة فيجعلونه فصوصا للخواتم.
** وذكر صاحب المنطق :
أن ثم حجارة كبار لا يوصل إليها من الحيات التي في ذلك الوادي.
** وبالهند وادي القرنفل :
لم يدخل إليه أحد من التجار ولا ممن سلك البحر ولا بشجره ، وإنما يتبعه الجن على ما قيل ، وذلك أن المسافرين يرسون على جزيرتهم فيجعلون بضاعتهم على الساحل ثم يرجعون إلى مراكبهم فإذا كان الصباح جاءوا إلى الجزيرة فيجدوا إلى جانب [كل] (2) بضاعة كوما من القرنفل ، فمن رضي منهم بذلك أخذه وترك بضاعته ومن لم يرض استقلالا لها ، أخذ بضاعته وترك القرنفل ، ومن التمس لهم شيئا حبست مركبه أو يرد ما
صفحہ 25
أخذه ، ومن أراد زيادة على ما رآه ترك بضاعته ويأتي مرة أخرى فيجد زيادة على القرنفل فيأخذه (1).
وذكر بعض الناس أنه طلع إلى هذه الجزيرة فرأى قوما بغير لحى في زي النساء ، ولهم شعور ، فلما رأوه غابوا عنه ، وامتنعوا من خروج القرنفل ، وأن التجار بعد ذلك أقاموا مدة يترددون / إليهم فلم يروا شيئا ، ثم عادوا بعد مدة طويلة إلى ما كانوا عليه.
وقيل : إن القرنفل في حال رطوبته حلو من أكل منه لا يتبرص ولا يمرض ، وأن لباسهم من ورق شجر عندهم يلتحفون به لا يعرفه أحد من الناس.
* ذكر البحر الأخضر وما فيه من العجائب والجزائر
ذكر بطليموس أن في البحر الأخضر سبعة وعشرون ألف مدينة وجزائر عامرة ، منها جزيرة فيها أمة من بقايا النسناس ، لهم شجر يقال له : اللوفيه يأكلون ثمره ويلتحفون بورقه ويأكلون لحوم دواب البحر.
وجزيرة في وسطها كالهرم العظيم من حجر أسود براق لا يعلم أحد ما بداخله ، ويحيط به عظام كثيرة وموتى ، وقد كان بعض الملوك سار إليها فلما دخل فيها وقع عليه وعلى أصحابه النعاس ، وخدرت أجسادهم وضعفت أنفاسهم فلم يقدر بعضهم أن يتحرك ، فمنهم من أسرع إلى الخروج منها ، ومنهم من لم يستطع فمات هناك. وقيل : إن ذا القرنين لما سار إلى الظلمات مر على جزيرة فيها أمة رؤوسهم كرؤوس الكلاب ، ولهم أنياب بادية تخرج من أفواههم مثل لهب النار ، فحين رأوه خرجوا إليه ، فتخلص منهم وخرجوا خائبين ، وسار سالما ، ثم لاح له (2) نور ساطع ، فتوجه إليه فإذا هو قد بلغ جزيرة القصر ، وهذه جزيرة فيها قصر مبني بالبلور الصافي ، عالي الطول ، يشفي حتى من يرى نوره من بعد ، فأراد النزول بها ، فمنعه بهرام فيلسوف الهند ، وعرف أن من نزل إليها وقع عليه النوم واختل عقله وهلك ، وقيل : أنه ظهر منها قوم زعر قصار ، لباسهم ورق الشجر ، فقال الإسكندر : ما شأن هؤلاء؟ قال : بها ثمر إذا أكلوا منه سلموا.
وبين شرافات القصر كالمصابيح تسرج ليلا ، وتخمد نهارا.
وفي ذلك البحر جزيرة بيضاء واسعة كثيرة الأشجار ، والأنهار ، والثمار ، أهلها شقر
قلت : موضع النقط ثلاث كلمات لم أتبين قراءتها.
صفحہ 26
عراة / وجوههم في صدورهم ، لكل واحد منهم فرج رجل وفرج امرأة ، كلامهم يشبه لغة الطير ، وطعامهم نبت يشبه الكمأة.
** وجزيرة التنين (1):
ذات أشجار ، وأنهار ، وزروع ، وفيها جبال عوال ، وعليها حصن عال ، وهي عامرة وفيها تنين عظيم ، قد شوش عليهم وأبادهم ، فلما دخل إليهم الإسكندر شكوا إليه حالهم معه من أكله المواشي وإتلاف الزرع ، فأمرهم أن يجعلوا قريبا من وقره في كل يوم ثورين سمان ، فكان يلتقمهما حبة الطير ، ثم أمرهم بسلخ ثورين كبيرين ، وأن يجعلوا حشو جلودهما كلسا وزفتا وكبريتا وزرنيخا ، وأن يجعلوا مع تلك الأخلاط كلاليب من حديد ، ويجعلونهما الثورين ، ففعلوا ، فخرج التنين على عادته كالسحابة السوداء وعيناه كالمشعل ينفخ من فيه نارا ، فحين عاينهما التقمهما كقمحة وولى ، فما بلغ وكره حتى اضطرب واستلقى ليقذفهما فتشبكت الكلاليب في جوفه ، ففتح فمه ليستروح فأمرهم الإسكندر أن يحملوا حديدا ويلقوه في فمه ففعلوا فمات لوقته ، فعند ذلك فرحوا فرحا شديدا ، وأتحفوا الإسكندر من ظرائف ما معهم وما عندهم ، ومن جملة التحف دويبة على قدر الأرنب شعرها أصفر له بريق ، وفي رأسها قرن أسود إذا عاينته الوحوش والطيور هربت منه.
** وجزيرة :
فيها دابة عظيمة قدر الجبل لها رؤوس كثيرة ووجوه مختلفة ، وأنياب معنقفة ، ولها جناحان إذا رفعتهما صارا كالرفرف المنكس يظل من الشمس.
** وجزيرة صيدون :
وكان ملكا ، وهذه الجزيرة مسيرتها شهر في مثله ، ذات عجائب وغرائب ، مخضرة الأشجار ، يانعة الثمار ، جارية الأنهار ، عيشها أطيب ، وحالها أعجب ، في وسطها مجلس من ذهب يشرف على تلك الجزيرة ، وهو على عمد من مرمر ملون مفصل بأنواع الجوهر. وكان صيدون ساحرا يطوف به الجن ويعملون له العجائب ، وكان في زمن سليمان عليه السلام ، ثم أن الجن أخبرته بحال صيدون ، والجزيرة وعجائبها ، فسار إليها سليمان عليه السلام ، فوجد أهلها يتعبدون لملكهم ، فغزاهم وسبى من بقي منهم ، فآمن به أكثرهم وكان لصيدون ابنة لم يكن على الأرض أحسن منها وكانت (2) بجملة من
صفحہ 27
سبي فتزوج بها سليمان عليه السلام ، وكانت شديدة الحزن على أبيها كثيرة البكاء عليه ، فقال لها : اتركي ما أنت عليه من البكاء والحزن ، وأنا خير لك من أبيك ، وملكي أجل من ملكه ، قالت : صدقت يا نبي الله ، لكن كلما ذكرت الأبوة والشفقة غيرني ذلك ، وجدد علي ما ترى ، فتركها على حالها ، ودخل عليها بعض الشياطين ، فصور لها صورة أبيها في مجلسها وقد كان هذا صاحبا لأبيها ، وكان سليمان عليه السلام قد أسكنها في مكان خصها به بعد أن غرس فيه بدائع الأشجار والأثمار والرياحين ، وأجرى فيه الأنهار (1)، كل ذلك في قنوات من ذهب ، رأيتها ، وجعل لها حافاتها يعني الأنهار أشجار باسقات ، تغرد على أغصانها الأطيار ، بتغريد اللغات ، مطوقة بالجوهر ، محلاة بالحرير الأبيض والأخضر والأحمر ، على حالة أبيها ، فعمدت إلى صورة أبيها فألبستها الحرير الملون وجعلت على رأسه إكليلا من الجوهر ، وبخرت حوله بدخن العنبر ونثرت عليه من المسك الأزفر ، وفرشت حوله أصناف الطيب والزعفران والرياحين ، وكانت تدخل عليه بكرة وعشية ، ومعها خدمها ، ووصائفها فتسجد له ، فكانت على ذلك أربعين يوما ، ثم اتصل خبرها بآصف بن برخيا وكان قرابة لسليمان [ عليه السلام ] (2) وكاتبه ، ومن عنده علم الكتاب. فعند ذلك ، أمر بنصب منبر فرقاه في جمع من بني إسرائيل فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على جميع أنبياء الله تعالى ، ثم شرع في مدحهم واحدا واحدا / ولم يذكر سليمان عليه السلام فسئل عن ذلك ، فقال : في بيتك من يسجد لغير الله ، ولم يكن سليمان عليه السلام يعلم بذلك ، فلما سمع كلام آصف دخل على بنت الملك فرأى صورة أبيها فاقشعر لذلك وزجرها وعمد إلى الصنم فكسره وهرب شيطانه ، ثم أمر بحضوره ، فلما شخص إليه حبسه.
** قصة الخاتم :
ثم إن الجن أخذت خاتم سليمان فلما فقده خرج عن حالته ، وذهب عن ملكه ، وتغيرت سمته وحيلته حتى أن بني إسرائيل أنكروا معرفته ، وإذا جلس بينهم لا يعرفونه ، فعند ذلك ضاق رحبه وتحير في أمره فسلم الأمر إلى عالم سره ، فالتجأ إلى الله في زوال ما شانه ، وأن يصلح شأنه ، فكان كذلك أربعين يوما بقدر أيام سجودها لأبيها ، ثم بعد ذلك وجد خاتمه ، ورد الله عليه جماله ومملكته ، وتابت بنت الملك وكان ولده منها والقصة مذكورة.
صفحہ 28
** وجزيرة :
لأهلها أجنحة وشعور وخراطيم ضيقة ، يمشون على رجلين وأربع ، ويطيرون ، ثم يرجعون ، قيل أنهم من قبائل الشياطين الأولى.
** وجزيرة :
مر بها قوم وقد هاج البحر ، فنظروا إلى الجزيرة ، فرأوا شيخا كبيرا أبيض الرأس واللحية وعليه ثياب خضر ، وهو جالس على وجه الماء مستقبل القبلة وهو يقول : سبحان من دبر الأمور ، وعلم ما في الصدور ، وألجم البحر بقدرته ، ثم قال : سيروا بين المشرق والمغرب حتى تنتهوا إلى جبال بين الطرق فاسلكوا وسطها ، ففعلوا ، فأشرفوا على مدينة أهلها طوال الوجوه بأيديهم قضبان الذهب يتوكأون عليها ، ويحاربون بها ، طعامهم الموز والقطر ، قال : فأقمنا عندهم شهرا ، فلما أردنا الرحيل أخذنا شيئا من قضبان الذهب ، فلم يمنعونا ، ثم سرنا كما سمعنا ، فخلصنا. وقيل : إن الذي أرشدهم إلى الطريق هو الخضر عليه السلام وتلك هي وسط البحر الأعظم.
** وذكر بطليموس :
أن في الشرق والصين ثلاثة / عشر ألف وسبعمائة جزيرة ذكر بعضها فمنها :
** جزيرة سرانديب :
وقيل إنها ثمانون فرسخا طولا في ثمانين عرضا.
وقال علماء الهند : أن فيها الجبل الذي أهبط فيه آدم عليه السلام ، يراه المسافرون في البحر على أيام.
وقالت البراهمة : إن عليه قدمه مغموسة في الجبل نحو سبعين ذراعا ، ويعلو هذا الجبل ضوء البرق ليلا ونهارا فلا يستطاع النظر إليه ، وأن آدم عليه السلام خطا من هذا الجبل إلى البحر خطوة واحدة ، وهي على مسيرة يومين ، وحوله ألوان الياقوت وأصناف العطر والأفاويه ودواب المسك ، وأرضه سنبادج ، وفي أوديته الماس ، وفي أنهاره البلور ، وحوله في البحر مغائص اللؤلؤ ويتصل به :
** جزيرة الرامي :
بهدينة الهند وبها الكركند ، وفيها البقم عروقه شفاء من سم الساعة ، وقد جربه البحريون يبرىء من سم الأفاعي والحيات.
وفيه جواميس لا أذناب لها أهلها ناس عراة في لغات لا يفهم كلامهم ويستوحشون من الناس إذا رأوهم ، طول الواحد منهم أربعة أشبار لهم شعور زغب حمر يتسلقون على
صفحہ 29