أبي القاسم علي بن محمد التَّنُوخي، فوجده يقرأ " معاني الشعر " على العُبَيسي فقال: رجز.
قد قُدِّم العُجْب على الرُّويْس ... وشارف الوهْدُ أبا قُبَيْس
وطاول البَقْل فروع الميس ... وهَبَّت العنز لقرع التيس
وادَّعت الرُّوم أبًا في قيس ... واختلط الناس اختلاط الحيس
إذْ قرأ القاضي حَليف الكيْس ... " معاني الشعر " على العُبيسي
وألقى ذلك إلى التنوخيِّ وانصرف، قال: وكان أبو عبد الله الاكفاني راويته، وكتب لي من مليح شعره شيئًا كثيرًا، قال: ومدح أبا القاسم التنوخي فرأى منه جفاءً فكتب إليه: منسرح
لو أعْرض الناس كلُّهم وأبوْا ... لم ينقُصوا رزقي الذي قُسما
كان ودادٌ فزالَ وانصرما ... وكان عهد فبان وانهدما
وقد صحِبنا في عصرنا أُممًا ... وقد فقدنا من قبلهم أمما
فما هلكنا هزلا ولا ساخت ال ... أَرض ولم تقطر السماء دما
في الله من كل هالكٍ خلفٌ ... لا يرهب الدهر من به اعتصما
حرٌّ ظنَّنا به الجميل فما ... حقَّق ظنًَّا ولا رعى الذمما
فكان ماذا؟ ما كلُّ معتمد ... عليه يرْعى الوفاء والكرما
غلطت، والناس يغلطون وهل ... تعرف خلقًا من غلطة سلما؟
من ذا يخطي السَّداد فيه فلم ... يعرف بذنب ولم يزل قَدَما!
شلَّت يدي لِمْ جلست عن تفهٍ ... أكتُب شجوي وأمتطي القَلَما؟
يا ليتني قَبْلَها خرست فلَمْ ... أُعمِل لسانًا ولا فتحت فَما
1 / 35