وأما عطارد فقالوا إنا لما رأيناه قابلا للألوان لأنا ربما رأيناه أخضر وربما رأيناه أغبر وربما كان على خلاف هذين اللونين وهذا كله في أوقات مختلفة من الزمان وهو من الأفق على ارتفاع واحد فقلنا إن عطارد لقبوله للألوان المختلفة مختلف الطبيعة إلا أنا وجدنا هذه الألوان إلى الغبرة التي هي لون الأرض أقرب منها إلى سائر الألوان فقلنا إن طبيعة عطارد إلى طبيعة الأرض التي هي اليبس أقرب منها إلى سائر الطبائع
فلما جعل عامة أصحاب صناعة النجوم طبائع الكواكب على هذه الحال من قبل الألوان نظروا إلى طبيعة كل كوكب فلما رأوا طبيعته الحرارة والرطوبة أو البرودة والرطوبة فقالوا إن هذا طبيعة الكون والنشوء والحياة فسموه سعدا ونظروا إلى كل كوكب طبيعته الحرارة واليبوسة أو البرودة واليبوسة فقالوا هذا طبيعة الفساد والموت فسموه نحسا وكل كوكب مختلف الطبيعة سموه سعدا مع السعود ونحسا مع النحوس
فلما كانت طبيعة زحل على ما زعموا باردة يابسة وطبيعة المريخ حارة يابسة جعلوهما نحسين ولما كانت طبيعة الزهرة والمشتري الحرارة والرطوبة وطبيعة القمر البرودة والرطوبة سموها سعودا فأما عطارد فإنه لما كان مختلف الطبيعة جعلوه مع السعود سعدا ومع النحوس نحسا فأما الشمس فإنهم وجدوا طبيعتها موافقة لطبيعة المريخ بالحرارة واليبس إلا أنهم وجدوها كوكب النهار وطبيعة النهار السعادة فجعلوها نحسا في بعض الأوقات سعدا في وقت آخر
صفحہ 366