فهذا ما زعم عامة أصحاب صناعة النجوم في طبائع الكواكب وعللها والسعود منها والنحوس والممتزج الفصل الثالث في ردنا على من زعم أنه إنما عرف
طبائع الكواكب وسعودها ونحوسها من ألوانها
قد ذكرنا في الفصل الذي قبل هذا ما زعم عامة أصحاب النجوم من طبائع الكواكب وسعودها ونحوسها والممتزج منها وإنهم إنما عرفوا ذلك من قبل ألوان الكواكب حين قاسوا إلى ألوان الأخلاط والأركان الأربعة فرددنا عليهم قولهم بأربع حجج
أولها أنا قلنا إن لون زحل مخالف للون المرة السوداء وللون الأرض لأن زحل رصاصي اللون وهذا مخالف للونين اللذين شبهتم بهما لون زحل فأما المشتري فإن كان في لونه صفرة فلا ينسب لونه إلى البياض لأن اللون الأبيض إذا مازجه بعض الألوان فإنه يتغير عن حد البياض إلى ذلك اللون الذي خالطه وأما الزهرة خاصة فإن الزرقة ظاهرة في لونها فلم نسبتم لونها إلى البياض وأما المريخ فإن كان إنما صارت طبيعته حارة لشبه لونه بالنار فقد نعلم أن الشمس أشد حرارة من المريخ فقد كان ينبغي أن يكون لون الشمس أشد حمرة من لون المريخ ولسنا نرى ذلك كذلك وأما عطارد فإنا وإن كنا نراه مختلف اللون فليس ذلك لأنه مختلف الطبيعة وإنما ذلك لأنا إذا نظرنا إليه يكون قريبا من الأفق فيتهيأ بيننا وبينه في وقت رؤيتنا إ ياه بخارات مختلفة وأما القمر فإنه لا ينسب لونه إلى البياض إلا من عدم حس البصر
وأما الحجة الثانية فإنا قلنا إنه ينبغي أن يقاس الشيء ئلى إلى ما هو من جنسه ولا يقاس إلى خلاف جنسه لأن الأجسام الأرضية مركبة من الأركان الأربعة وأجرام الكواكب ليست بمركبة منها بل هي أجرام بسيطة فينبغي أن لا يقاس أحدهما بالآخر وأن لا يجعل طبيعة الأجرام العلوية بالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة مثل طبيعة الأجسام الأرضية باتفاق اللون
صفحہ 368