ثم قاسوا على هذه الأشياء قياسا فاسدا غلطوا فيه وذلك لأنهم قالوا إن الكواكب كلها قابلة للألوان فإذا أردنا معرفة طبائعها فإنما نعرف ذلك من ألوانها لأنها أجرام بسيطة لا طعوم لها لأن الطعوم إنما تكون لكل جسم مركب من هذه الأركان فإذا لا يحتاج في معرفة طبائعها إلى الذوق وهي بعيدة منا فلا يمكننا أن نستدل على طبائعها باللمس وإنما تدرك طبائعها الحارة أو الباردة أو الرطبة أو اليابسة على قدر قبولها للألوان على ما تقدم من قولهم أن طبائع الأشياء قد تدرك باللون
وقالوا إنما يدرك بعض الأشياء ببعض ونستدل بما شاهدناه وقرب منا على ما غاب عنا وبعد وهذه الأخلاط والأركان قريبة منا والكواكب بعيدة عنا فنستدل بطبيعة الأركان والأخلاط وألوانها على طبيعة الكواكب لأن هذه الأخلاط وسائر الأشخاص التي تحدث من الأركان بألوانها وسائر كيفياتها إنما تكون عن قوى الكواكب على قدر طبائعها وألوانها فإنما يستدل على طبائعها بموافقة لونها للون هذه الأخلاط والأركان فإذا رأينا لون كوكب من الكواكب موافقا للون خلط من الأخلاط الأربعة علمنا أن طبيعة ذلك الكوكب موافقة لطبيعة ذلك الخلط ولطبيعة الركن الموافق له بالطبيعة والخاصية وإذا كان لون الكوكب مخالفا للون الأخلاط الأربعة مزجنا لونه وجعلنا طبيعته على قدر ما يشاكل لونه عند الامتزاج
صفحہ 362