وأما كلام الشافعية فقال الإمام محدث الشام أبو شامة في كتاب الباعث على إنكارالبدع والحوادث وهو في زمن الشرح وابن حمدان وقد وقع من جماعة من التابعين لشريعة الإسلام المنتمين إلى الفقر الذي حقيقته الإفتقار من الإيمان من اعتقادهم في مشايخ لهم ضالين مضلين فهم داخلون تحت قوله
ﵟأم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به اللهﵞ
الآية وبهذه الطرق وأمثالها كان مبادئ ظهور الكفر من عادة الأصنام وغيرها ومن هذا التقسم ما قد عم الابتلاءبه من تزيين الشيطان للعامة تخليق الحيطان والعمد وإسراج مواضع في كل بلد يحكي لهم حاك أنه رأى في منامه أحدا ممن شهر بالصلاح فيفعلون ذلك ويظنون أنهم يتقربون إلى الله ثم يجاوزون ذلك إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم ويرجون الشفاء لمرضاهم وقضاء حوائجهم بالنذر لهم وهي بين عيون وشجر وحائط وحجر وفي دمشق صانها الله من ذلك مواضع متعددة كفوينة الحمى والشجرة الملعونة خارج باب النصر سهل الله قطعها فما أشبهها بذات أنواط ثم ذكر كلاما طويلا إلى أن قال أسأل الله الكريم معافاته من كل ما يخالف رضاه ولا يجعلنا ممن أضله فاتخذ إلهه هواه فتأمل ذكره في هذا النوع أنه نبذ لشريعة الإسلام وأنه خروج على الإيمان ثم ذكر أنه عم الابتلاء به في الشام فزنت قل لصاحبكم هؤلاء العلماء من الأئمة الأربعة ذكروا أن الشرك عم الإبتلاء به وغيره وصاحوا بأهله من أقاطر الأرض وذكروا أن الدين عاد غريبا فهو بين اثنتين إما أن يقول كل هؤلاء العلماء جاهلون ضالون مضلون خارجون وإماأن يدعي أن زمانه وزمان مشايخه صلح بعد ذلك ولا يخفاك أني عثرت على أوراق عند ابن عزاز فيها إجازات له من عند مشايخه وشيخ مشايخه رجل يقال له عبد الغني ويثنون عليه في أوراقهم ويسمونه العارف بالله وهذا اشتهر عنه أنه على دين ابن عربي الذي ذكر العلماء أنه أكفر من فرعون حتى قال ابن المقري الشافعي من شك في كفر طائفة ابن عربي فهو كافر فإذا كان إمام دين ابن عربي والداعي إليه هو شيخهم ويثنون عليه أنه العارف بالله فكيف يكون الأمر ولكن أعظم من هذا كله ما تقدم عن أبي الدرداء وأنس وهما بالشام ذلك الكلام العظيم واحتج به أهل العلم على أن زمانهم أعظم فكيف بزماننا وقال ابن القيم رحمه الله في الهدي النبوي في الكلام على حديث وفد الطائف لما أسلموا وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يترك لهم اللات لا يهدمها سنة ولما تقدمابن القيم على المسائل المأخوذة من القصة قال ومنها أنه لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالها يوما واحدا فإنها شعائر الشرك والكفر وهي أعظم المنكرات فلا يجوز الإقرار عليها مع القدرة البتة وهذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانا تعبد من دون الله والأحجار التي تقصد للتبرك والنذر والتقبيل لايجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالته وكثير منها بمنزلة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى بل أعظم شركا عندها وبها والله المستعان ولم يكن أحد من أرباب هذه الطواغيت يعتقد أنها تخلق وترزق وإنما كانوا يفعلون عندها وبها ما يفعله إخوانهم من المسركين اليوم عند طواغيتهم فاتبع هؤلاء سنن من قبلهم وسلكوا سبيلهم شبرا بشبر وذراعا بذراع وسلكوا سبيلهم حذو القذة بالقذة وغلب الشرك على أكثر النفوس لغلبة الجهل وخفاء العلم وصار المعروف منكرا والمنكر معروفا والسنة بدعة والبدعة سنة ونشأ في ذلك الصغير وهرمعليه الكبير وطمست الأعلام واشتدت غربة الإسلام وقل العلماء وغلب السفهاء وتفاقم الأمر واشتد البأس وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس انتهى الكلام
صفحہ 73