هذا المعتقد إلى معروف بدقائق العلوم، كأرسطو طاليس وافلاطون، أو إلى فرقة كالفلاسفة، ويستدرج السامع بأن معرفتك لا تزيد على معرفتهم، وقد بحثوا زمانًا وما تحصلوا على طائل. ولا يشعر ذلك المسكين بتلبيسه، فيصدقه لموافقته طبعه، ولا يطالبه بالبرهان في نقل المذهب عمّن نقله. ولو أخبره بأثر يتعلق به خسران درهم، لكان لا يصدقه إلا ببرهان، ولو قال: إن أباك أقر لفلان بعشرة الدراهم التي خلفها لك، ومعه به سجّل فيه خط الشهود، لقال: ما الحجة فيه وأين الشاهد الحي الذي يشهد به؟ وأي خبر في السجّل المكتوب، وفي نقل الخطوط؟ ثم يصدّقه في نقل مذهب من سمّاه من غير شاهدين يشهدان على سماعه، ومن غير عرض خطّ ذلك المذكور، ومن غير عرض تصنيف من تصانيفه، ولو بخط غيره. ثم لو سمع ذلك المذكور بإذنه يصرّح بذلك، لكان ينبغي أن يتوقف في القبول زاعمًا أنه لا برهان عليه، وأن كان أخذه تقليدًا. فتقليد الأنبياء والأولياء والعلماء، بل تقليد الجماهير والدهماء من الخلق أولى من تقليد واحد ليس معصومًا من الخطأ.
1 / 186