318

منهاج المتقين في علم الكلام

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

والجواب: لا نسلمه؛ لأن كل جنس يصح منه تعالى متولدا يصح منه ابتداء، فأما عين ما يوجد متولدا فهو وإن كان لا يصح عند أصحابنا إيجاده مبتدأ، فلذلك لا تقتضى الحاجة إلى السبب؛ لأنه أمر يرجع إلى الفعل نفسه، وهو أنه كأن يكون له في الوجود وجهان، فيؤدي إلى صحة مقدور بين قادرين، وصار الحال في احتياج الفعل المعين عندهم إلى سبب واستحالته من دونه كالحال في احتياج الغرض المعين إلى محل معين، واستحالة وجوده من دونه في أن ذلك لا يقتضي وصف الباري تعالى بالحاجة في الموضعين.

فصل

كل شيء يتولد عن فعل العبد فهو فعله عند جمهور أصحابنا. وقال الجاحظ: ما عدا الإرادة واقع بطبع المحل، وبه قال النظام ومعمر في ما يتعدى محل القدرة، إلا أن النظام يجعله بواسطة محل الطبع.

وقال ثمامة: ما عدا الإرادة حدث لا محدث له، وقال أهل الجبر: جميع المتولدات مما يتفرد الله به.

لنا: ما تقدم من وقوع أسبابها على قصودنا، ودواعينا، وحصولها بحسب قدرنا وآلاتنا وبحسب ما نفعله من الأسباب في الكمية والمطابقة، ويتعلق الأمر بها والنهي عنها والمدح والذم عليها ونحو ذلك مما تقدم ذكره، وليس خروجها عن الاختيار عند وقوع أسبابها يخرجها عن كونها فعلا لنا كما أن خروج المبتدآت بوقوعها عن الاختيار لا يخرجها عن كونها فعلا لنا.

ويبطل قول من علقها بالطبع أن الطبع غير معقول، إلا أن يريدوا به السبب فيقع الخلاف في غاية، وبعد فيلزمهم في المعجزات أن تكون بطبع المحل فلا تقع ثقة بالنبوة، وكذلك كان يلزم مثله في أصول النعم.

شبهتهم: إن المراد والمسبب يجبان عند حصول الإرادة والسبب ولا يتعلقان بالاختيار كالمعلولات.

صفحہ 324