319

منهاج المتقين في علم الكلام

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

والجواب: لا نسلم وجوب(1) المراد عند الإرادة؛ لأنه إن جعل إيجابها إيجاب العلل لم يصح؛ لأن العلل إنما توجب الصفات والأحكام دون الذوات، ولأنه كان إذا تزايدت الإرادة تزايد وجود المراد، ولأنه كان يلزم إذا قارنت أول حروف الخبر أن لا يقع الكلام بها خبرا لأن ما يقضى ن العلل فلأنا ننزله، ولأنه كان يجب اختصاصها بما هي علة فيه، وذلك لا يصح إلا بعد وجوده، فكيف يجعل علة فيه، ووجوده سابق لاختصاصها به، ولأن محل الإرادة غير محل المراد، فكيف يؤثر في غير محلها، ولأنه كان يجب وجود المعزوم عليه عند وجود العزم؛ لأنه أراده، وكان لا يصح النهي عن المراد بعد حصول الإرادة، ولا أن يرجع المريد عما أراده. وأن جعل إيجاب الأسباب فباطل أيضا لأنه يصح تعلق الإرادة بفعل الغير، ولا يكون سببا فيه، ولأنه كان إذا اشترك جماعة في إرادة شيء كان معذورا لكلهم، ولأنه كان يلزم في الضعيف إذا أراد المشي أن يقع لأن قدرة السبب كافية في وقوع /214/ المسبب وإلا بطل كونه مسببا؛ ولأنه كان يلزم إذا خلق الله في أحدنا إرادة دخول النار مع علمه بما فيها من المضرة أن يدخلها، ولأنه قد يريد أحدنا ما هو متولد عن أحد الأسباب المذكورة، والشيء لا يكون مسببا عن سببين؛ ولأنه إذا وجب وجود المراد عند وجود الإرادة لم يكن أحدهما بأن يكون سببا في الآخر أولى من العكس، ولأنه كان يجب إذا أراد أحدنا الكتابة وسائر الأفعال المحكمة أن يقع وإن لم يكن عالما وكله باطل.

وأما قولهم: يجب المسبب عند السبب فغير مسلم أيضا على الإطلاق؛ لأنه يجوز أن يعرض عارض يمنع من وقوع المسبب وإن وقع السبب، وأما قياسهم ذلك على العلل فغير صحيح؛ لأن الأدلة فصلت بين المعلول والمسبب، فإن المسبب ذات موجودة كوجود السبب وحادثة كحدوثه، فأمكن تعليقها بالقادر بخلاف المعلول، فإنه ليس بذات، وأيضا فالعلل لا تقف في الإيجاب على شرط بخلاف الأسباب.

صفحہ 325