فنقضي هم النفس في غير رقبة
ويغرق من نخشى نميمته البحر!
وكانت «علية» - فيما كتب سامي من قصتها وقصة صاحبها الشاعر - تشارك صاحبها في أمنيته، فهي ترجو أن يلتقيا منفردين على فلك في البحر المائج، ليس معهما وفر من مال أو من زاد، ليقضيا هم النفس بعيدين عن أعين الرقباء والسعاة بالنميمة ... والتقى العاشقان على ما تمنيا، منفردين على رمث في البحر ليس لهما وفر، فلما حال الموج بينهما وبين الناس، وأحسا حاجة الحي إلى أسباب الحياة، أنشدت «علية» صاحبها شعرا من شعرها تتمنى فيه لو ضمها وحبيبها قصر، وأظلتهما الخمائل الخضر، وكان لها وله وفر، ولا عليها بعد ذلك أن يبغتهما الرقباء أو يسعى بهما سعاة الشر ...! ... وفرغ سامي من قصته بعد هدأة من الليل، فبسط أوراقه تحت عينيه والمصباح وراح يقرأ، وأعجبه ما صنع، فهتف: «رشيدة، تعالي اسمعي!»
وماذا يجدي عليه رضا الناس إذا لم ترض رشيدة؟ ولكن رشيدة كانت مطوية على نفسها في الفراش تبكي، ودنا منها، فجففت دموعها واعتلت؛ وجلس على حافة الفراش محزونا أسوان يسألها عن علتها، وما كانت علتها شيئا غيره.
وطوى أوراقه صامتا، وأوى إلى الفراش منكسرا ذليلا، وأصبح كما يصبح كل يوم، وكما أمسى، وأصبحت كما أمست!
وجاءتها صديقتها «سعاد» لزيارتها، وما زارتها في بيت زوجها قط، وخلت رشيدة إلى صديقة صباها تحدثها وتستمع إليها، وخلا سامي إلى نفسه يعمل ...
وقالت سعاد: «وإني لأسمع عنك وأعرف، فيسرني هناؤك، وإنك لحقيقة بما نلت من السعادة بزوجك!»
وابتسمت رشيدة وسكتت.
ونهضت الزائرة فشيعتها صديقتها على ميعاد.
وذهبت رشيدة لترد الزيارة لصاحبتها، ولقيتها سعاد في غلائل وشفوف وجلوة عروس، وأحسنت استقبالها، ثم ودعتها لحظة لتخرج إلى زوجها فتسر إليه حديثا، وعادت، وأحست رشيدة أن صديقتها في شغل، فأوجزت، وسألتها: «أرجو ألا يكون في زيارتي ما يشغلك عن شيء!»
نامعلوم صفحہ