قيل: والمراد على الأقوال الأخبار دون الإسرار والمصطفى المختار، وشيوخ جمع شيخ، والمراد شيوخ الإعتزال المعتزلة ويسمون أيضا العدلية لقولهم بالعدل والموحدة لقولهم لا قديم مع الله، وأهل العدل والتوحيد يرتضون لقبهم، هذا وسائر أهل المذاهب لا يرتضون ألقابهم كالمرجئة والمجبرة، وتقول المعتزلة: ما ورد ذكر الإعتزال إلا في ....... الشر كقوله: {وأعتزلكم وما تدعون من دون الله فلما اعتزلهم} {وإذا اعتزلتموهم} ويروون عن سفيان الثوري بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: <ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أبرها وأتقاها الفئة المعتزلة> ثم قال سفيان لأصحابه: تسموا بهذا الإسم لأنكم اعتزلتم الظلمة.فقيل: سبقك عنها عمرو بن عبيد وأصحابه، وأصله اعتزل عمرو وواصل حلقة الحسن واستقلالهما بأنفسهما، ولشيوخ المعتزلة ذب عن الإسلام وقيام بنصرته وغصت له، حتى روي عن بعض الملحدة: لولا المعتزلة لخطبنا بالإلحاد على المنابر، ولهم مصنفات في الرد على الملحدة والفلاسفة، قال الحاكم للإسلام ثغران ثغر دنيا محروس بالسيف، وثغر دين محروس بالعلم واللسان وحماة تلك الثغور المتكلمون عامة ثم المعتزلة خاصة، النافون عن علوم الديانة كل تحريف وانتحال، التحريف التغيير والتبديل. والإنتحال مصدر انتحل أي ادعى لنفسه ما ليس له من شعر أو نحوه، فجزاهم الله عن هداية خلقه من قبيل إضافة المصدر إلى المفعول أي هذا بينهم لخلقه أفضل ما جزى القائمين بحقه أي المؤدين له وبلغهم آمالهم في الخيرات أي أوصلهم ما رجوه من الخيرات في الآخرة وضاعف لهم بفضله الحساب أي مكثر لهم حسناتهم بأن تضاعفها لهم وهي طاعاتهم أضعافا مضاعفة أي يضاعف حراها بفضله، والفضل الزيادة، ثم أنه يغشي على جمع هذا الكتاب أي دعاني إلى تأليفه ونظم حروفه التقرب إلى الله وطلب الثواب أي طلب القرب من الله وهو قرب المنزلة وطلب إثابته الجزيلة الجليلة لما ورد في نشر العلم وتعليمه من الترغيب العظيم كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: <حرف جد في العلم خير من عبادة مائة سنة وتفكر ساعة خير من عبادة سنة وورد ايضا عنه صلى الله عليه وآله وسلم الكلمة الواحدة يتعلمها المسلم من أخيه المسلم أو يعلمها إياه أفضل من قيام ألف ليلة وصام ألف يوم وصدقة ألف دينار وصدقة ألف درهم وحجة مبرورة فجمعته على وفق ما وضعه الأولون أي موافقا لما وضعه العلماء الراشدون الأقدمون من التحرير والأسلوب الذين يهدون بالحق، وبه يعدلون أي يهدون الناس إلى الحق ويدلونهم على طريقه ويعدلون بينهم بالحق ولا يجوزون تبركا يذكر ما أصلوه أي جمعته قاصدا لنيل البركة والخير بذكرى لما أصلوه أي وضعوا أصله وقعدوا قاعدته وإن وقع مني تفريع وثنا على ذلك الأس لا طلبا لتحصيل شيء أهملوه يعني أنه لم يقصد بجميع كتابه هذا الطلب لتحصيل شيء من المسائل والفوائد أهمله العلماء المتقدمون وهذا رفع منه لشأنهم وتعظيم لأمرهم وتواضع منه وممجانبة للترفع وإن كان كناية لا تخلوا عن مزيد فوائد واقتناص شوارد واقتداء تقويم هداهم يعني أن من الأعراض التي قصدها التأسي بهم والإقتداء بهداهم القويم غير المعوج في نشر العلم وتدوينه وحفظه لا طمعا في بلوغ مداهم أي فلم أطمع في أن أبلغ معهم الغاية وأشاركهم في الفوز بالقدح المعلى فالفضل للمتقدم ورجوعا في طلب الحق إليهم أراد لا على جهة التقليد بل لأنهم قد كانوا سبقوا إليه ووقعوا عليه فعدم الرجوع إليهم ميل عن المنهج القويم والصراط المستقيم لا استدراكا في المسائل عليهم يعني لا أني قصدت أن أتدارك شيئا أهملوه فأحفظه وقد أضاعوه، يقال: استدركت ما فات وتداركته، ومن ذلك تسمية الحاكم أبي عبد الله لمصنفه في الحديث لمستدرك على الصحيحين أراد أن البخاري ومسلما تركا شيئا مما هو صحيح على ما اشترطاه في الصحيح فتداركه والله أعلم.
صفحہ 34