فلست تكاد ترى للحق محبسا المخاطب فيه غير معين كقوله: {ولو ترى إذ وقفوا على النار} لأن المراد في الآية أن حالتهم بتاهت في الظهور إلى أن صارت لا يختص بها مخاطب دون مخاطب، والمراد نفي مقاربة رؤية محب للحق لكثرة مخالفيه وقلة أهليه، ولا من يصغي لسماع الحجة قلبا، أي ولا من يميل قلبه إلى سماع حجة يرد عليه لتمسكه بالشبه واجرمه بخلاف الحق ولا يظفر بمتصف يناظر لله، أي ولا يفوز بمن شأنه الإتصاف وهو إطاء الحق والمناظرة مفاعة من النظر الذي هو الفكر والنحب؛ لأن المناظر ينظر فما يذكره مناظره ومناظره كذلك، والمعنى أنك لا تجد متصفا يكون مناظرته قصد الله ولمعرفة الحق الذي يرضاه، ويقبل واضح الحق من حيث أتاه، هذا تمام لوصف المنصف الذي نفى الظفر به، أي ولا يظفر بمتصف صفته المناظرة لله وقبول الحق من حيث أتاه أي سواء أتى من قريب صديق أو من عدو سحيق.
نعم قد قام بنصره هذه الدين أي دين الحق الذي فرضه الله على الخق فريق، والفريق تستعمل لما هو أكبر من الطائفة من ذوي البصائر والتحقيق. البصائر جمع بصيرة وهي قوة تدرك بها المعقولات بمنزلة البصر للعين في إدراك المحسوسات.
صفحہ 30