وذهب الغزالي إلى أن الفرقة الناجية هم المتسمون بالسنة ومن مذاهبهم الجبر والباطنية يزعم أنها الفرقة الناجية وما أبعدهم عن النجاة، وقيل: الفرقة الناجية صالحوا كل فرقة ورجح هذا القول بعض علماء الحديث ممن عاصرناه وقرأنا عليه وهو شافعي المذهب وشافهنا بذلك، واحتج عليه بأنه ما من فرقة من فرق الإسلام كالزيدية والشافعية إلا وفيها أهل فضل ودين ومن ظهرت له كرامات الأولياء ولو أن المذهب كان سببا في الهلاك لكان مانعا عن مثل ذلك، وأطال في هذا المعنى وذكر أعيانا من ائمة الزيدية وفضلاء الشافعية وظهرت براهين فضلهم، وأقول وبالله التوفيق: أما تعيين الثلاث والسبعين فرقة فمما لا ينبغي أن محاولة الواحد منا إلا بتوفيق فإنه مما لا يمكن القطع به وبث الإعتقاد والعلم بما قصده النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك اللفظ من الفرق وأراد فطريق العلم بمراده بالعقل منسدة، ومن النقل غير موجودة، وكذلك الأمارات المفيدة للظن فيه غير حاصلة، وأما معرفة الفرقة الناجية فمما الطريق إليه حاصلة؛ لأن الإختلاف في الفروع لا يقضي بهلاك وفي الأصول نعلم بالعقول الراجحة الخطأ منه والصواب والمخطئ فيه إثم والإثم يختلف حاله، والمصيب فيه ناج لا محالة، وأعدل ما يقال: إن الفرقة الناجية هم الذاهبون إلى توحيد الله وتعديله ووصفه بصفات الكمال مع السلامة من كل عقيدة تقتضي كفرا أو فسقا، والله سبحانه أعلم.
صفحہ 29