واعلم أنه لا يخلو عن نظر من وجوه أحدها أن المراد بالفرق إن كان أصولها فهي قليلة لا ينتهي إلى ثلاث وسبعين ولا إلى النصف من ذلك وإن كان المراد تفاريعها فهي أكثر مما ذكر وأكثر بلا شك ولا شبهة، فقد فرع بعضهم الباطنية إلى اثنتي عشرة فرقة وغيرها ولا الفروع وغيرهم. وثانيها أن هذا التعداد قد انطوى على ذكر تفرع الفرق المذكورة الرافضة والخوارج والمجبرة والمعتزلة والمرجئة إلى أن بلغ إلى الزيدية فعدهم فرقة واحدة مع أنهم متفرعون كغيرهم، وقد ذكرت تفاريعهم ما ذلك إلا لتحكم عليهم بالنجاة ويجعلون وحدهم الفرقة الناجية وينبغي أن يجري في منهج واحد، إما بأن تد المعتزلة فرقة واحدة والمجبرة فرقة واحدة كالزيدية أو تعد الزيدية فرقا كمن ذكر قبلهم. وثالثها أنه تضمن الحكم على فرق المعتزلة كلها بأنها من الفرق الهالكة فليس هكذا مقتضى المذهب فيهم، فإن أئمة الزيدية وعلمائهم يترحمون لهم ويرضون عنهم ويعتقدون نجاتهم إلا من له منهم عقيدة تقتضي كفر أو فسقا، ولم يخالف فضلاؤهم وأهل العقائد القويمة منهم الزيدية إلا في مسائر الإمامة مخالفة لا تقتضي تكفيرا ولا تفسيقا.
ورابعها: أنه تتضمن الحكم على الزيدية بأنها الفرقة الناجية وهم فرق تحكم لبعضها بالهلاك كالمطرفية الشقية وغيرهم، فذلك التفضيل لا يخلو عن خبط وعدم انتظام، والله أعلم.
صفحہ 28