قلنا: نريد أن هذا غاية ما يتكلف لتوجيه هذا القول بقرينة قوله بعده هذا، وقد اتفقوا على أن تحريم أمهات منهم دون تحريم الربائب يعني خلا يعني ما تكلفناه من استقامة اللفظ شيئا مع مخالفة ما وقع عليه الاتفاق فقد حصل هذا التأويل مخالفة الظاهر وما وقع الاتفاق إلا من استشهاد من الروايات المضعف أكثرها ويدل على أنه بمعنى تكلف قول أبي السعود[15أ-أ] في تفسيره؛ وإدعاء كونها اتصالية متضمنة لمعنى الابتداء والبيان أو جعل الموصول صفة للنسائين مع اختلاف عاملهما مما يجب تنزيه ساحة التنزيل عن أمثاله، ولو سلم مسائلونه بمعنى الابتداء فلا يصار إليه إلا لقرينة اتفاقا وانتفاء القرينة معلوم.
ومنها أن الأصل في (من) الابتداء؛ إذ قد صرح أهل العربية أن معانيها كلها راجعة إليه، وأن (من) الابتدائية مجردة لابتداء الغاية، وغيرها متضمنة له مع قيد زائد مخصص، والقول بالابتداء المجرد قول بالأصل المتفق عليه، والقول بالابتداء زيادة فيه مخصصة تخصيص مع غير دليل على أنه يستلزم حصول الإطلاق باعتبار كونها قيدا للربائب إرادة كل واحد منها عدم إرادة الآخر، والله أعلم.
فهذه قرائن تخصص هذا القيد بالجملة الأخيرة، وتخصيصه بالأخيرة لقرينة لا تخرجنا عن قاعدة الأصول؛ لأن قولهم بوجوب القيد إلى الجمل المتعاطفة ليس مطلقا بل هو مقيد بصحة الرجوع وانتقاء القرائن الدالة على التخصيص بالبعض وكون معناه في رجوعه إلى الكل غير معناه في رجوعه إلى الأخيرة والكل غير حاصل فيما نحن فيه -كما حققناه-.
صفحہ 116