والجواب عليه: إن الابتداء والبيان معنيان متنافيان فلا يصح أن يراد بهما معا، ولو سلم فمعنى الحرف جزئي وليس بكلي كما حقق في موضعه، والعموم إنما يعقل في الكليات، كما لا يستفاد من الحرف كل معنى ينطلق عليه، ولهذا ترك الإمام شرف الدين -عليه السلام- الاعتماد على هذا الوجه مع قوله: ((بعموم المشترك)) وتكلف جعلها ابتدائية في الطرفين، وهو غاية البعد، فلا يحسن حمل التنزيل -عليه ولو سلم- فاتصال (من) بالربائب قرينة على أنه من آدابها الابتداء لا البيان، ويؤيده قوله في (الكشاف): ((لأن ما يليه: {من نسائكم} هو الذي استوجب التعليق به ما لم يعترض أمر)) لا يرد، ولو سلم أنه لا قرينة على أحد المعنيين فلا نسلم أنه يحمل المشترك، وعلى الكل من معانيه بغير قرينة؛ إذ لو صح للزم أن يكون المشترك حقيقة في الجميع لإستغنائه عن القرينة مجازا في كل واحد لاحتياجه إليها ولا قائل به، والقول بأنه ينبغي أن يحمل على الجميع تكثير للفائدة، قولك في اللغة بالترجيح وهو باطل.
فإن قيل: قد جوزه في (الكشاف) أن يكون (من) للاتصال متعلق بالنساء والربائب كقوله تعالى: [10]{المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض}[التوبة:67]، وأمهات النساء متصلات بالنساء لأنهن أمهاتهن، كما أن الربائب متصلات بأمهاتهن لأنهن بناتهن .
صفحہ 115