وكانت البديعيات غاية ما انتهى إليه الاهتمام بالبديع. ظهرت في النصف الأول من القرن السابع من الهجرة، إذ يعتبر الإربلي المتوفى سنة 670ه أول من نظم قصيدة حرص على إيداع كل منها محسنا بديعيا. ثم نظم صفي الدين الحلي المتوفى سنة 750ه مدحية نبوية ضمنها عددا وافرا من المحسنات البديعية، واشتهرت لسلاستها وعذوبة ألفاظها. ومن أهم شروحها أنوار التجلي على ما [ص38] تضمنته بديعية الحلي لعبيد الثعالبي، وهو في جزأين، وما يزال مخطوطا. كما نظم ابن جابر الأندلسي المتوفى سنة 750ه بديعية، شرحها رفيقه أبو جعفر الرعيني. وقد تردد ذكرها في المسلك السهل. "غير أن بديعيته لم تظفر بالشهرة كما ظفرت بديعية ابن حجة الحموي المتوفى سنة 837ه، وقد جعلها في مائة واثنين وأربعين بيتا"(¬1)[82]. وعليها أقام شرحه خزانة الأدب المذكور، وحشد فيه من شواهد الشعر والنثر ما جعله خزانة أدب بحق. واعتمد الإفراني على هذا الشرح في المقام الأول، كما تقدم، فأخذ منه أغلب مادته في قواعد البديع وشواهده، وتبنى آراء ابن حجة في قضايا أدبية مثل الإعجاب بالمبالغة والتورية، وحمل مثله على تشدد الصلاح الصفدي في محاسبة الشعراء وتتبع معانيهم بالنقد، وإغارته على معاني غيره.
صفحہ 42